للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب زكاة الثمار]

قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: " أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ الْمَازِنِيِّ عَنِ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ " لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أوسقٍ مِنَ التَّمْرِ صدقةٌ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ:

الْأَصْلُ فِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الثِّمَارِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ، فَأَمَّا الْكِتَابُ فَقَوْلُهُ تَعَالَى: {يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمُنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأرْضِ} (البقرة: ٢٦٧) فأوجب بأمره الإنفاق مما أخرج مِنَ الْأَرْضِ، وَالثِّمَارُ خَارِجَةٌ مِنْهَا، ثُمَّ قَالَ: {وَلاَ تَيَمَّمُوا الخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ) {البقرة: ٢٦٧) فَدَلَّ على أن المراد بالنفقة الصدقة الَّتِي يَحْرُمُ إِخْرَاجُ الْخَبِيثِ فِيهَا، وَلَوْ لَمْ يُرِدِ الصَّدَقَةَ لَجَازَ إِخْرَاجُ خَبِيثِهَا وَطَيِّبِهَا وَقَالَ تَعَالَى: {وَهُوَ الَّذِي أنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَانَ مُتَشَابِهاً وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ) {الأنعام: ١٤١) .

وَأَمَّا السُّنَّةُ.

فَرِوَايَةُ جَابِرٍ وَابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " مَا سَقَتِ السَّمَاءُ فَفِيهِ الْعُشْرُ وَمَا سُقِيَ بنضحٍ أَوْ غربٍ فَنِصْفُ الْعُشْرِ ".

وَالثِّمَارُ دَاخِلَةٌ فِي عُمُومِ السَّقْيِ، فَاقْتَضَى أَنْ تَكُونَ دَاخِلَةً فِي عُمُومِ الْوُجُوبِ، وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى وجوبها، وإن اختلفوا في قدر ما يجب فيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>