للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَصْلٌ

: فَأَمَّا الْمُزَنِيُّ فَإِنَّهُ لَمَّا رَأَى الشَّافِعِيَّ ذَكَرَ حَالَ قِسْمَتِهِمْ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ وَبَعْدَهُ اعْتَرَضَ عَلَيْهِ وَقَالَ: هَذَا غَيْرُ جَائِزٍ عَلَى أَصْلِهِ، لِأَنَّ الْقِسْمَةَ عِنْدَهُ بَيْعٌ وَبَيْعُ الثِّمَارِ بِالثِّمَارِ جُزَافًا لَا يَجُوزُ، فَكَذَلِكَ الْقِسْمَةُ، قَالَ ولأن أَجَازَهَا لِأَنَّ مَعَهَا جُذُوعًا لَمْ يَجُزْ أَيْضًا كَمَا لَا يَجُوزُ عِنْدَهُ بَيْعُ ثَوْبٍ وَدِرْهَمٍ بِثَوْبٍ وَدِرْهَمٍ، سَوَاءٌ كَانَ مَا فِيهِ الرِّبَا تَبَعًا لَهُ أَوْ غَيْرَ تَبَعٍ، فَهَذَا اعْتِرَاضُ الْمُزَنِيِّ وَالْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ إِنَّ لِلشَّافِعِيِّ فِي القسمة قولين:

أحدهما: أنه إقرار حَقٍّ وَتَمْيِيزُ نَصِيبٍ قَالَهُ فِي كِتَابِ الصَّرْفِ، فعلى هذا يجوز قِسْمَةُ الثِّمَارِ بِالثِّمَارِ كَيْلًا وَوَزْنًا وَجُزَافًا، فَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ سَقَطَ اعْتِرَاضُ الْمُزَنِيِّ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أنها تبع فَعَلَى هَذَا قَدْ تَصِحُّ قِسْمَةُ ثِمَارِ النَّخْلِ بَيْنَهُمْ مِنْ وُجُوهٍ يَسْقُطُ بِهَا اعْتِرَاضُ الْمُزَنِيِّ وإنكاره على الشافعي تصور هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَتَصْحِيحَ الْقِسْمَةِ، فَإِنْ كَانَتِ الثَّمَرَةُ بَادِيَةَ الصَّلَاحِ صَحَّتِ الْقِسْمَةُ بَيْنَهُمْ مِنْ خَمْسَةِ أَوْجُهٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ فِي التَّرِكَةِ نَخْلٌ مُثْمِرٌ وَعُرُوضٌ، فَيَبِيعُ أَحَدُهُمْ حِصَّتَهُ مِنَ الْعُرُوضِ بحصة شريكه من النخل والثمرة، فيصير لأحدهم جَمِيعُ النَّخْلِ وَالثَّمَرَةِ وَلِلْآخَرِ جَمِيعُ الْعُرُوضِ.

وَالثَّانِي: أن تكون النَّخْلُ نَوْعَيْنِ حَامِلًا وَحَائِلًا فَيَبِيعُ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ مِنَ النَّخْلِ الْحَائِلِ بِحِصَّةِ شَرِيكِهِ، مِنَ النَّخْلِ الحامل والثمرة فيحصل النَّخْلُ الْحَامِلُ بِثَمَرَتِهِ لِأَحَدِهِمَا وَالنَّخْلُ الْحَائِلُ بِانْفِرَادِهِ لِلْآخَرِ، وَهَذَانِ الْوَجْهَانِ غَيْرُ مُقْنِعَيْنِ لِأَنَّهُمَا بَيْعُ جِنْسٍ بِغَيْرِهِ، وَلَيْسَا قِسْمَةَ جِنْسٍ وَاحِدٍ وَلَكِنْ ذَكَرَهُمَا أَصْحَابُنَا فَذَكَرْنَاهُمَا.

وَالثَّالِثُ: وَهُوَ فِي مَعْنَاهُمَا: أن تكون النَّخْلُ فِي التَّقْدِيرِ نَخْلَيْنِ شَرْقِيٌّ وَغَرْبِيٌّ فَيَبِيعُ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ مِنَ النَّخْلِ الْغَرْبِيِّ وَثَمَرَتِهِ بِدِينَارٍ، ويبتاع من شريكه حصة مِنَ النَّخْلِ الشَّرْقِيِّ وَثَمَرَتِهِ بِدِينَارٍ، فَيَحْصُلُ النَّخْلُ الشرقي مع ثمرته لأحدهما وعلى الشركة دِينَارٌ وَالنَّخْلُ الْغَرْبِيُّ مَعَ ثَمَرَتِهِ لِلْآخَرِ وَعَلَيْهِ لشريكه دينار فيتقاضيان الدِّينَارَ.

وَالرَّابِعُ: أَنْ يَبِيعَ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ مِنَ النَّخْلِ الشَّرْقِيِّ بِحِصَّةِ شَرِيكِهِ مِنْ ثَمَرَةِ النَّخْلِ الْغَرْبِيِّ، وَيَبْتَاعَ حِصَّةَ شَرِيكِهِ مِنَ النَّخْلِ الْغَرْبِيِّ بِحِصَّتِهِ مِنْ ثَمَرَةِ النَّخْلِ الشَّرْقِيِّ، فَيَصِيرُ النَّخْلُ الشَّرْقِيُّ مَعَ ثَمَرَتِهِ لِأَحَدِهِمَا وَالنَّخْلُ الْغَرْبِيُّ مَعَ ثَمَرَتِهِ لِلْآخَرِ.

وَالْخَامِسُ: أَنْ يَبِيعَ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ مِنَ النَّخْلِ الشَّرْقِيِّ بِحِصَّةِ شَرِيكِهِ مِنْ ثَمَرَةِ النخل الشرقي، ويبتاع حصته شريكه من النخل الغربي بحصته من النَّخْلِ الْغَرْبِيِّ، فَيَحْصُلُ لِأَحَدِهِمَا النَّخْلُ الشَّرْقِيُّ مَعَ ثَمَرَةِ النَّخْلِ الْغَرْبِيِّ، وَلِلْآخَرِ النَّخْلُ الْغَرْبِيُّ مَعَ ثَمَرَةِ النَّخْلِ الشَّرْقِيِّ، فَتَحْصُلُ ثَمَرَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى نَخْلِ شَرِيكِهِ، وَلَهُ تَبْقِيَتُهَا إِلَى وَقْتِ الصِّرَامِ، إِلَّا

<<  <  ج: ص:  >  >>