للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: تُضَمُّ فَيَكُونُ جَفَافُ الثَّمَرَةِ وَأَوَانُ جِدَادِهَا عَلَمًا فِي ضَمِّ الثِّمَارِ، اسْتِدْلَالًا بِمَذْهَبٍ وَحِجَاجٍ أَمَّا الْمَذْهَبُ فَمَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الْأُمِّ، وَلَوْ كَانَ لَهُ نَخْلٌ فِي بَعْضِهَا طَلْعٌ، وَفِي بَعْضِهَا بَلَحٌ، وَفِي بَعْضِهَا بُسْرٌ، وَفِي بَعْضِهَا رُطَبٌ، فَأَدْرَكَ الرُّطَبَ فَجَدَّهُ، وَأَدْرَكَ الْبُسْرَ فَجَدَّهُ، ثُمَّ أَدْرَكَ الْبَلَحَ فَجَدَّهُ، ثم أدرك الطلع فجده، ضمت بَعْضَهَا إِلَى بَعْضٍ، لِأَنَّهَا ثَمَرَةُ عَامٍ وَاحِدٍ، وَأَمَّا الْحِجَاجُ فَهُوَ أَنَّ لِلثَّمَرَةِ حَالَيْنِ حَالَ ابْتِدَاءٍ وَهُوَ الْإِطْلَاعُ وَحَالَ انْتِهَاءٍ وَهُوَ الْجَفَافُ، فَلَمَّا لَمْ يَكُنِ الضَّمُّ مُعْتَبَرًا بِالِابْتِدَاءِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ مُعْتَبَرًا بِالِانْتِهَاءِ، فَمَنْ قَالَ بِالْوَجْهِ الْأَوَّلِ وَهُوَ الصَّحِيحُ انْفَصَلَ عَمَّا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ " الْأُمِّ " بِأَنْ قَالَ إِنَّمَا جَمَعَ الشَّافِعِيُّ فِي الضَّمِّ بَيْنَ الطَّلْعِ وَالرُّطَبِ وَلَمْ يَجْمَعْ بَيْنَ الْإِطْلَاعِ وَالرُّطَبِ، وَقَدْ يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ طَلْعٍ وَرُطَبٍ كَأَنَّ ابْتِدَاءَ إِطْلَاعِهِ قَبْلَ الْإِرْطَابِ، وَانْفَصَلَ عَنِ الْحِجَاجِ، بِأَنْ قَالَ لِلثَّمَرَةِ حالة ثالثة هي بُدُوُّ صَلَاحِهَا، وَاعْتِبَارُهَا أَوْلَى لِأَنَّ الْوُجُوبَ بِهَا يتعلق.

[فصل]

: قال الشافعي إذا أَثْمَرَتْ فِي عَامٍ قَابِلٍ لَمْ تُضَمَّ، يَعْنِي: إنَّهُ إِذَا تَقَدَّمَ إِطْلَاعُ التِّهَامِيِّ ثُمَّ أَطْلَعَ بعد النَّجْدِيُّ فَجَدَّ التِّهَامِيُّ وَالنَّجْدِيُّ بُسْرٌ وَبَلَحٌ ثُمَّ أَطْلَعَ التِّهَامِيُّ ثَانِيَةً قَبْلَ جِدَادِ النَّجْدِيِّ، كَانَ هَذَا الْإِطْلَاعُ الثَّانِي مِنَ النَّخْلِ التِّهَامِيِّ ثَمَرَةَ عَامٍ ثَانٍ، لَا يُضَمُّ إِلَى النَّجْدِيِّ، وَإِنْ أَطْلَعَ قَبْلَ إِرْطَابِهِ، لِأَنَّ هَذَا النَّجْدِيَّ قَدْ ضم إِلَى التِّهَامِيِّ الْأَوَّلِ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُضَمَّ إِلَيْهِ التِّهَامِيُّ الثَّانِي، لِأَنَّهُ يَكُونُ ضَمًّا بَيْنَ التهامي الأول والتهامي الثاني.

[مسألة:]

قال الشافعي رضي الله عنه: " وإذا كان آخر إطلاع ثمر أطلعت قبل أن يجد فالإطلاع التي بعد بلوغ الآخرة كإطلاع تلك النخل عاماً آخر لا تضم إلا طلاعةً إلى العام قَبْلَهَا ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَلَامٌ غَلِقٌ، وَالرِّوَايَةُ فِي نَقْلِهِ مُخْتَلِفَةٌ، فَرُوِيَ فَإِذَا كَانَ آخِرُ اطلاع ثمر اطلعت قبل نجد يَعْنِي قَبْلَ أَنْ تُجَدَّ، وَرُوِيَ قِبَلَ نَجْدٍ يَعْنِي نَاحِيَةَ نَجْدٍ، فَعَلَى الرِّوَايَةِ الْأُولَى الَّتِي هِيَ بِمَعْنَى قَبْلَ أَنْ تُجَدَّ وَتُقْطَعَ، يَكُونُ مَعْنَى الْكَلَامِ: وَإِذَا كَانَ إِطْلَاعُ آخِرِ ثَمَرٍ اطلعت بنجد قبل عام أَنْ تُجَدَّ ثَمَرُ تِهَامَةَ فَمَا أَطْلَعَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ ثِمَارِ تِهَامَةَ فَهُوَ ثَمَرَةُ عَامٍ ثَانٍ لَا يُضَمُّ، لِأَنَّكَ قَدْ ضَمَمْتَ النَّجْدِيَّةَ إلى التهامية الأولة، فَلَمْ يَجُزْ أَنْ تَضُمَّ التِّهَامِيَّةَ الثَّانِيَةَ إِلَى النَّجْدِيَّةِ لِأَنَّكَ تَصِيرُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ ضَمَّ التِّهَامِيَّةَ الثانية إلى التهامية الأولة، وَهِيَ الْفَرْعُ الَّذِي قَدَّمْنَاهُ وَهَذَا تَأْوِيلُ مَنْ جَعَلَ الْجَفَافَ عَلَى الضَّمِّ، وَعَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ الَّتِي هِيَ بِمَعْنَى نَاحِيَةِ نَجْدٍ، يَكُونُ مَعْنَى الْكَلَامِ وَإِذَا كَانَ آخِرُ إِطْلَاعٍ ثُمَّ أَطْلَعَتْ بنجد فما اطلع مِنْ ثِمَارِ نَجْدٍ بَعْدَ بُلُوغِ هَذِهِ النَّجْدِيَّةِ فَهُوَ ثَمَرَةُ عَامٍ آخَرَ لَا يُضَمُّ إِلَيْهِ، وَهَذَا تَأْوِيلُ مَنْ جَعَلَ بُدُوَّ الصَّلَاحِ عَلَمَ الضم.

<<  <  ج: ص:  >  >>