للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب صدقة الزرع]

قال الشافعي فِي قَوْله تَعَالَى: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ) {الأنعام: ١٤١) دلالةٌ عَلَى أَنَّهُ إِنَمَا جَعَلَ الزَّكَاةَ على الزرع ".

أَمَّا الزُّرُوعُ فَمِنَ الْأَمْوَالِ الْمُزَكَّاةِ وَاخْتَلَفَ النَّاسُ في أجناس ما تجب فيه الزَّكَاةُ، فَلِلْفُقَهَاءِ فِي ذَلِكَ سَبْعَةُ مَذَاهِبَ:

أَحَدُهَا: وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ إِنَّ الزَّكَاةَ وَاجِبَةٌ فِيمَا زَرَعَهُ الْآدَمِيُّونَ قُوتًا مُدَّخَرًا، وَبِهِ قَالَ الْأَئِمَّةُ الْأَرْبَعَةُ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ.

وَالْمَذْهَبُ الثَّانِي: إِنَّ الزَّكَاةَ وَاجِبَةٌ فِي الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ لَا غَيْرَ، قَالَ بِهِ الْحَسَنُ وَابْنُ سِيرِينَ وَالشَّعْبِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ.

وَالْمَذْهَبُ الثَّالِثُ: أَنَّ الزَّكَاةَ وَاجِبَةٌ فِي الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالذُّرَةِ لَا غَيْرَ، قَالَ بِهِ أَبُو ثَوْرٍ.

وَالْمَذْهَبُ الرَّابِعُ: إِنَّهَا وَاجِبَةٌ في كل زرع نبت من بزره وأخذ بزره مِنْ زَرْعِهِ قَالَ بِهِ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ.

وَالْمَذْهَبُ الْخَامِسُ: إِنَّهَا وَاجِبَةٌ فِي الْحُبُوبِ الْمَأْكُولَةِ غَالِبًا مِنَ الزُّرُوعِ قَالَ بِهِ مَالِكٌ.

والمذهب السادس: أنها واجبة في الْحُبُوبِ الْمَأْكُولَةِ. وَالْقُطْنِ أَيْضًا قَالَ بِهِ أبو يوسف.

وَالْمَذْهَبُ السَّابِعُ: إِنَّهَا وَاجِبَةٌ فِي كُلِّ مزروع ومغروس من فواكه وبقال وَحُبُوبٍ وَخُضَرٍ، وَهُوَ مَذْهَبُ أبي حنيفة اسْتِدْلَالًا بعموم قَوْله تَعَالَى: {يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَرْضِ) {البقرة: ٢٦٧) . وبعموم قوله: {وَالزّيْتُونَ والرُّمَانَ) {الأنعام: ١٤١) . إِلَى قَوْلِهِ: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ) {الأنعام: ١٤١) : وَبِمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ: " فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ الْعُشْرُ " وَهُوَ عَلَى عُمُومِهِ، وَلِأَنَّهُ مَزْرُوعٌ فَاقْتَضَى أَنْ يَجِبَ عُشْرُهُ كَالْبُرِّ وَالشَّعِيرِ.

وَالدَّلَالَةُ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الشَّافِعِيُّ مَا رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ عَنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>