للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ.

إِذَا أَرَادَ السَّاعِي مقاسمة رب المال بدأ أولاً نصيبه لكثرة حقه، فإن نَصِيبَ الْمَسَاكِينِ لَا يُعْرَفُ إِلَّا بِهِ، فَإِنْ وَجَبَ فِي مَالِهِ الْعُشْرُ كَانَ لَهُ تِسْعَةُ أَقْفِزَةٍ وَأَخَذَ الْعَاشِرَ وَإِنْ وَجَبَ فِيهِ نِصْفُ الْعُشْرِ كَانَ لَهُ تِسْعَةَ عَشَرَ قَفِيزًا وَأَخَذَ قَفِيزًا، وَإِن وَجَبَ ثُلُثَا الْعُشْرِ كَانَ لَهُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ قَفِيزًا، وَأَخَذَ قَفِيزًا ثُمَّ عَلَى هَذَا الْقِيَاسِ فِيمَا قَلَّ وَكَثُرَ، وَلَا يَجُوزُ إذا وجب العشر أن يكتال لَهُ عَشْرَةً وَيَأْخُذَ هُوَ وَاحِدًا، لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ عُشْرًا، وَإِنَّمَا يَكُونُ جُزْءًا مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا، فَأَمَّا صِفَةُ الْكَيْلِ، فَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ بِلَا دَقٍّ وَلَا زَلْزَلَةٍ وَلَا تَحْرِيكٍ، لِمَا فِيهِ مِنَ الْمَيْلِ وَأَخْذِ الْفَضْلِ، وَلَا يَضَعُ يَدَهُ فَوْقَ الْمِكْيَالِ، وَيَضَعُ عَلَى رَأْسِ الْمِكْيَالِ مَا أَمْسَكَ رَأْسَهُ مِنْ غَيْرِ دَفْعِ زِيَادَةٍ، فَإِنَّ ذَلِكَ أَصَحُّ الْكَيْلِ وَأَوْلَاهُ.

مَسْأَلَةٌ:

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَيُؤْخَذُ الْعُشْرُ مَعَ خَرَاجِ الْأَرْضِ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ:

أَرْضُ الْخَرَاجِ مِنْ سَوَادِ كِسْرَى يَجِبُ أَدَاءُ خَرَاجِهَا وَيَكُونُ أُجْرَةً وَيُؤْخَذُ عُشْرُ زَرْعِهَا وَيَكُونُ صَدَقَةً، لَا يَسْقُطُ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: الْخَرَاجُ جِزْيَةٌ يُؤَدَّى وَلَا يُؤْخَذُ الْعُشْرُ مِنْ زَرْعِهَا، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَجْتَمِعَا اسْتِدْلَالًا بِرِوَايَتِهِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ " الْعُشْرُ وَالْخَرَاجُ لَا يَجْتَمِعَانِ فِي أَرْضِ مُسْلِمٍ " وَبِرِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ " مَنَعَتِ الْعِرَاقُ قَفِيزَهَا وَدِرْهَمَهَا " فَالدِّرْهَمُ الْخَرَاجُ، والقفيز العشر، وقد أخبر أن العراق هي أرض الخراج يمنع منها، وبما روي أن دهقان نهر الملك وهو: فيروز بن يزدجرد لما أسلم قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ سَلِّمُوا إِلَيْهِ أَرْضَهُ، وَخُذُوا مِنْهُ الْخَرَاجَ، فَأَمَرَ بِأَخْذِ الْخَرَاجِ، وَلَمْ يَأْمُرْ بِأَخْذِ الْعُشْرِ، وَلَوْ وَجَبَ لَأَمَرَ بِهِ، قَالُوا وَلِأَنَّ الْخَرَاجَ يَجِبُ بِالْمَعْنَى الَّذِي يَجِبُ بِهِ الْعُشْرُ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْخَرَاجَ يَجِبُ لِأَجْلِ مَنْفَعَةِ الْأَرْضِ وَالْعُشْرُ لِهَذَا الْمَعْنَى وَجَبَ، يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الْأَرْضَ لَوْ كَانَتْ سَبَخَةً لَمْ يَجِبْ فِيهَا خَرَاجٌ وَلَا عُشْرٌ، لِأَنَّهَا لَا مَنْفَعَةَ لَهَا، فَإِذَا كان كل واحد منهما يجب بما يَجِبُ بِهِ الْآخَرُ لَمْ يَجُزِ اجْتِمَاعُهُمَا، أَلَا ترى

<<  <  ج: ص:  >  >>