للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مسالة: قال الشافعي رضي الله عنه: " وإذا كان في يديه أقل من خمس أواقٍ وما يتم خمس أواقٍ ديناً له أَوْ غَائِبًا عَنْهُ أَحْصَى الْحَاضِرَةَ وَانْتَظَرَ الْغَائِبَةَ فَإِنْ اقْتَضَاهَا أَدَّى رُبُعَ عُشْرِهَا ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: اعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ تَشْتَمِلُ عَلَى فَصْلَيْنِ يَجِبُ تَقْدِيمُ الْكَلَامِ فِيهِمَا ثُمَّ بِنَاءُ الْمَسْأَلَةِ عَلَيْهِمَا.

فَأَحَدُ الْفَصْلَيْنِ: وُجُوبُ زَكَاةِ الدَّيْنِ وَهُوَ عَلَى ضَرْبَيْنِ: مُعَجَّلٌ. وَمُؤَجَّلٌ، وَالْمُعَجَّلُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ عَلَى مَلِيءٍ مُعْتَرِفٍ يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهِ مِنْهُ مَتَى شَاءَ فَعَلَيْهِ أَنْ يُزَكِّيَهُ، سَوَاءٌ قَبَضَهُ أَوْ لَمْ يَقْبِضْهُ كَالْوَدِيعَةِ.

وَقَالَ أبو حنيفة لَا يَلْزَمُهُ إِخْرَاجُ زَكَاتِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ كَالْمَغْصُوبِ.

وَالْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ عَلَى مَلِيءٍ مُعْتَرِفٍ فِي الْبَاطِنِ مُمَاطِلٍ فِي الظَّاهِرِ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُزَكِّيَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ، خَوْفًا مِنْ جُحُودِهِ وَمَطْلِهِ، فَإِذَا قَبَضَهُ زَكَّاهُ لِمَا مَضَى قَوْلًا وَاحِدًا.

وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ عَلَى مَلِيءٍ مُنْكِرٍ.

وَالْقِسْمُ الرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ عَلَى مُقِرٍّ مُعْسِرٍ وَجَوَابُهُمَا سَوَاءٌ، وَهُوَ فِي حُكْمِ الْمَغْصُوبِ لَا يُزَكِّيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ، فَإِذَا قَبَضَهُ فَهَلْ يُزَكِّيهِ لِمَا مَضَى أَوْ يَسْتَأْنِفُ بِهِ الْحَوْلَ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ، وَأَمَّا الْمُؤَجَّلُ فَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا هَلْ يَكُونُ مَالِكًا له قبل حلول أجله؟ على قولين، وهو قول أبي إسحاق المروزي يكون مالكا لَهُ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يَمْلِكُ مَا لَا حنث فيه ومن حَلَفَ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ أَنْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ حَنِثَ قَالَ: لِأَنَّهُ لَمَّا صَحَّ أَنْ يُبَرِّئَهُ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ ثَبَتَ أَنَّهُ مَالِكٌ لَهُ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ، فَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَكُونُ حُكْمُهُ فِي الزَّكَاةِ حُكْمَ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ، فَيَكُونُ وُجُوبُ زَكَاتِهِ عَلَى قَوْلَيْنِ:

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عَلِيِّ بْنِ أبي هريرة لَا يَكُونُ مَالِكًا لَهُ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يَمْلِكُ مَالًا بَرَّ، وَلَوْ حَلَفَ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ أَنْ لَا شَيْءَ لَهُ بَرَّ، قَالَ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَمْلِكِ الْمُطَالَبَةَ بِهِ وَلَا الْمُعَاوَضَةَ عَلَيْهِ وَذَلِكَ ثَمَرَةُ الْمِلْكِ، ثَبَتَ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ، فَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَسْتَأْنِفُ حَوْلَهُ إِذَا حَلَّ أَجْلُهُ.

وَالْفَصْلُ الثَّانِي: وُجُوبُ زَكَاةِ الْمَالِ الْغَائِبِ وَهُوَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ مُسْتَقِرًّا فِي بَلَدٍ يَعْرِفُ سَلَامَتَهُ فَعَلَيْهِ إِخْرَاجُ زَكَاتِهِ فِي الْبَلَدِ الَّذِي هُوَ فِيهِ، فَإِنْ أَخْرَجَهَا فِي غَيْرِهِ كَانَ عَلَى قَوْلَيْنِ مِنْ نَقْلِ الصَّدَقَةِ أَحَدُهُمَا. يُجْزِئُهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>