للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروي مجاهد عن ابن عباس أن سُئِلَ عَنِ الْعَنْبَرِ أَفِيهِ الزَّكَاةُ فَقَالَ: " لَا إنما هو شيء دسره البحر " أي يَعْنِي: قَذَفَهُ وَأَلْقَاهُ، وَلَيْسَ يُعْرَفُ لَهُ فِي الصَّحَابَةِ مُخَالِفٌ، وَلِأَنَّ مَا اسْتُفِيدَ مِنَ الْبَحْرِ نَوْعَانِ: حَيَوَانٌ، وَجَمَادٌ فَلَمَّا لَمْ تَجِبْ زَكَاةُ حَيَوَانِهِ مِنْ سُمُوكِهِ وَحِيتَانِهِ لَمْ تَجِبْ زَكَاةُ جَمَادِهِ مِنْ حِلْيَةٍ وَزِينَةٍ، وَبِعَكْسِهِ الْبَرُّ لَمَّا وَجَبَتْ زَكَاةُ حَيَوَانِهِ وَجَبَتْ زَكَاةُ غَيْرِ حَيَوَانِهِ، مِنْ زُرُوعِهِ وَجَمَادِهِ.

وَأَمَّا عُمُومُ الْآيَةِ فَمَخْصُوصٌ بِمَا ذَكَرْنَا.

وَأَمَّا قِيَاسُهُمْ عَلَى الرِّكَازِ فَالْمَعْنَى فِيهِ: أَنَّهُ مِنْ جِنْسِ الْأَثْمَانِ وَلَوْ سَلَّمْنَا وُجُوبَ خُمُسِ جَمِيعِ الرِّكَازِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ، لَكَانَ الْمَعْنَى فِيهِ إِنَّهُ مِنْ دَفْنِ الْجَاهِلِيَّةِ مُسْتَفَادٌ مِنْ مُشْرِكٍ كَالْغَنِيمَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ حِلْيَةُ الْبَحْرِ.

وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: لَمَّا وَجَبَتْ زَكَاةُ مَا اسْتُفِيدَ مِنَ الْبَرِّ، وَجَبَ أَنْ تَجِبَ زَكَاةُ مَا اسْتُفِيدَ مِنَ الْبَحْرِ، فَالْمَعْنَى فِيهِ مَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّهُ لَمَّا وَجَبَتْ زَكَاةُ حَيَوَانِ الْبَرِّ جَازَ أَنْ تَجِبَ فِي غَيْرِ حَيَوَانِهِ، وَلَمَّا لَمْ تَجِبْ زَكَاةُ حَيَوَانِ الْبَحْرِ لَمْ تَجِبْ فِي غَيْرِ حَيَوَانِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>