للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب زكاة التجارة]

مَسْأَلَةٌ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: " أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بن عيينة عَنْ يَحْيَي بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي عَمْرِو بْنِ حماسٍ أَنَّ أَبَاهُ حِمَاسًا قَالَ مَرَرْتُ عَلَى عمر ابن الْخَطَّابِ وَعَلَى عُنُقِي أَدَمَةٌ أَحْمِلُهَا فَقَالَ أَلَا تُؤَدِّي زَكَاتَكَ يَا حِمَاسُ؟ فَقُلْتُ يَا أَمِيرَ المؤمنين مالي غَيْرُ هَذِهِ وَأَهُبُّ فِي القرظِ فَقَالَ ذَاكَ مال فضع فَوَضَعْتُهَا بَيْنَ يَدَيْهِ فَحَسَبَهَا فَوَجَدَهَا قَدْ وَجَبَتْ فيها الزكاة فأخذ منها الزكاة ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ:

الزَّكَاةُ وَاجِبَةٌ فِي أَمْوَالِ التِّجَارَةِ فِي كُلِّ عَامٍ هَذَا مَذْهَبُنَا.

وَبِهِ قَالَ مِنَ الصَّحَابَةِ عُمَرُ، وَابْنُ عُمَرَ، وَجَابِرٌ، وَعَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَالْفُقَهَاءُ السَّبْعَةُ، وَأَهْلُ الْعِرَاقِ.

وَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ إِلَى أَنَّهُ لا زكاة فيه بحال.

وَبِهِ قَالَ مِنَ الصَّحَابَةِ ابْنُ عَبَّاسٍ.

وَمِنَ الْفُقَهَاءِ: دَاوُدُ احْتِجَاجًا بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " ابْتَغُوا فِي أَمْوَالِ الْيَتَامَى لَا تَأْكُلُهَا الزَّكَاةُ ".

فَأَخْرَجَهَا بِالتِّجَارَةِ عَنِ الْحَالِ الَّتِي تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ.

وَلَوْ كَانَ وُجُوبُ الزَّكَاةِ فِي التِّجَارَةِ وَغَيْرِهَا سَوَاءً، لَمْ يَكُنْ لِأَمْرِهِ بِالتِّجَارَةِ مَعْنًى، بقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " عَفَوْتُ لَكُمْ عَنْ صَدَقَةِ الْخَيْلِ وَالرَّقِيقِ " فَكَانَ الْعَفْوُ عَلَى عُمُومِهِ فِي التِّجَارَةِ وَغَيْرِهَا.

قَالُوا: وَلِأَنَّ الْأَمْوَالَ الَّتِي تَجِبُ زَكَاتُهَا، فَالزَّكَاةُ فِي عَيْنِهَا دُونَ قِيمَتِهَا كَالْمَوَاشِي وَالثِّمَارِ وَمَا لَمْ تَجِبِ الزَّكَاةُ فِي عَيْنِهَا لَمْ تَجِبْ فِي قِيمَتِهَا، كَالْأَثَاثِ وَالْعَقَارِ فَلَمَّا كَانَ مَالُ التِّجَارَةِ لَا تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي عَيْنِهِ، لَمْ تَجِبِ الزَّكَاةُ فِي قِيمَتِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>