للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أحدهما: أنها أقوى من زكاة التجارة، وأؤكد لِأَنَّهَا وَجَبَتْ بِالنَّصِّ مَعَ انْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ عَلَيْهَا وَزَكَاةُ التِّجَارَةِ وَجَبَتْ بِالِاجْتِهَادِ مَعَ حُصُولِ الْخِلَافِ فِيهَا، فَكَانَ الْمُجْمَعُ عَلَيْهِ، أَوْلَى مِنَ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ.

وَالثَّانِي: أَنَّ زَكَاةَ الْعَيْنِ فِي الرَّقَبَةِ، وَزَكَاةَ التِّجَارَةِ فِي الْقِيمَةِ فَإِذَا اجْتَمَعَا كَانَ مَا تَعَلَّقَ بِالرَّقَبَةِ أَوْلَى بِالتَّقْدِمَةِ، كَالْعَبْدِ الْمَرْهُونِ إِذَا جَنَى فَهَذَا الْكَلَامُ فِي تَوْجِيهِ الْقَوْلَيْنِ إِذَا اسْتَوَتِ الزَّكَاتَانِ:

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَسْبِقَ وُجُوبَ إِحْدَى الزَّكَاتَيْنِ، بِأَنْ يَتَعَجَّلَ حَوْلَ التِّجَارَةِ قَبْلَ صَلَاحِ الثَّمَرَةِ، أَوْ يَتَعَجَّلَ صَلَاحَ الثَّمَرَةِ قَبْلَ حَوْلِ التِّجَارَةِ، فَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فَكَانَ أبو حفص بن الْوَكِيلِ وَأَبُو عَلِيِّ بْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ يَقُولَانِ: يُزَكِّي أَعْجَلَهُمَا قَوْلًا وَاحِدًا وَلَا سَبِيلَ إِلَى إسقاط زكاة وجبت في الحال، ويؤكده أن يجب في ثاني الحال.

وَقَالَ آخَرُونَ مِنْ أَصْحَابِنَا: بَلْ يَكُونُ عَلَى قَوْلَيْنِ: لِتَعَذُّرِ اسْتِوَائِهِمَا فِي الْغَالِبِ وَإِنَّ الشَّافِعِيَّ لَمْ يُفَرِّقْ.

فَصْلٌ

: فَإِذَا تَقَرَّرَ تَوْجِيهُ الْقَوْلَيْنِ، فَإِنْ قُلْنَا: إن زكاة البحارة أَوْلَى عَلَى قَوْلِهِ فِي " الْقَدِيمِ " قُوِّمَ الْأَصْلُ وَالثَّمَرَةُ، وَأُخْرِجَ رُبْعُ الْعُشْرِ مِنْ جَمِيعِ الْقِيمَةِ، وَإِذَا قُلْنَا: إِنَّ زَكَاةَ الْعَيْنِ أَوْلَى أُخْرِجَ عُشْرُ الثَّمَرَةِ أَوْ نِصْفُ عُشْرِهَا، عَلَى حَسَبِ حَالِهَا، ثُمَّ هَلْ يَنُوبُ ذَلِكَ عَنْ رَقَبَةِ الْأَرْضِ وَأَصْلِ التِّجَارَةِ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: لَا يَنُوبُ عَنْهَا، وَيُقَوَّمُ لِلتِّجَارَةِ فَيُخْرَجُ رُبْعُ عُشْرِهَا، إِنْ بَلَغَتِ الْقِيمَةُ نِصَابًا، لِأَنَّ زَكَاةَ الْأَعْيَانِ مَأْخُوذَةٌ عَنْهَا لَا عَنْ أُصُولِهَا بِدَلِيلِ أَنَّ الْمُسْلِمَ إِذَا زَرَعَ فِي أَرْضِ يَهُودِيٍّ لَزِمَتْهُ الزَّكَاةُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَالِكَ الْأَرْضِ مِمَّنْ عَلَيْهِ زَكَاةٌ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَنُوبُ عَنِ الْأَصْلِ لأن لا يجتمع زَكَاتَانِ فِي مَالٍ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي الأرض بياض غير مشغول يزرع وَلَا نَخْلٍ، فَلَا يَنُوبُ عَنْهُ وَجْهًا وَاحِدًا فَلَوْ بَلَغَتِ الثَّمَرَةُ قَبْلَ إِمْكَانِ الْأَدَاءِ إِذَا قُلْنَا: بِوُجُوبِ زَكَاةِ الْعَيْنِ، فَهَلْ يَعْدِلُ إِلَى زَكَاةِ التِّجَارَةِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ: بِنَاءً عَلَى الْوَجْهَيْنِ الْمَاضِيَيْنِ.

أَحَدُهُمَا: يُقَوِّمُ الْأَصْلَ وَيُزَكِّي زَكَاةَ التِّجَارَةِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يَقُولُ: إِنَّ زَكَاةَ الْعَيْنِ لَا تَنُوبُ عَنِ الْأَصْلِ.

وَالثَّانِي: لَا يُقَوِّمُ الْأَصْلَ وَلَا زَكَاةَ فِيهِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يَقُولُ: إِنَّ زَكَاةَ الْعَيْنِ تَنُوبُ عَنِ الْأَصْلِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>