للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: إِنَّ الْعَامِلَ شَرِيكٌ فِي الرِّبْحِ بِمَا شُرِطَ فِيهِ.

وَوَجْهُ ذَلِكَ شَيْئَانِ:

أَحَدُهُمَا: أنه لو كان أجيراً لكان عوضه معلماً ولا يستحقه وَإِنْ كَانَ الرِّبْحُ مَعْدُومًا، فَلَمَّا جَازَتْ جَهَالَةُ عِوَضِهِ وَلَمْ يَسْتَحِقَّ مِنَ الْمَالِ شَيْئًا عِنْدَ عَدَمِ رِبْحِهِ لَمْ يَجُزْ، أَنْ يَكُونَ أَجِيرًا وثبت كونه شريكاً.

والثاني: هو أن الإجازة لَازِمَةٌ وَالشَّرِكَةَ جَائِزَةٌ فَلَمَّا ثَبَتَ أَنَّ الْمُضَارَبَةَ جَائِزَةٌ غَيْرُ لَازِمَةٍ ثَبَتَ أَنَّ الْعَامِلَ شَرِيكٌ غَيْرُ أَجِيرٍ.

فَصْلٌ

: فَإِذَا ثَبَتَ تَوْجِيهُ الْقَوْلَيْنِ، فالزكاة فرع عليها، فَإِنْ قُلْنَا: إِنَّ الْعَامِلَ أَجِيرٌ فَزَكَاةُ الْأَلْفَيْنِ عَلَى رَبِّ الْمَالِ، لِأَنَّ جَمِيعَهَا عَلَى هَذَا القول ملكاً لَهُ، وَمِنْ أَيْنَ يُخْرِجُهَا عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: مِنَ الرِّبْحِ لِأَنَّهَا مُؤْنَةُ الْمَالِ فَشَابَهَتْ سَائِرَ المؤن وهذا أخص بِالْعَامِلِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُخْرِجُهَا مِنْ جُمْلَةِ الْمَالِ بأصله وَرِبْحِهِ، لِأَنَّهَا وَاجِبَةٌ فِي الْجُمْلَةِ، فَوَجَبَ أَنْ تَكُونَ فِي الْجُمْلَةِ، فَعَلَى هَذَا يُخْرِجُ مِنَ الربح خَمْسَةً وَعِشْرِينَ دِرْهَمًا، وَقَدْ بَطَلَتِ الْمُضَارَبَةُ فِيمَا أخرجه من أصل المال فأما العالم عَلَى هَذَا الْقَوْلِ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ حَتَّى يَقْبِضَ حِصَّتَهُ مِنَ الرِّبْحِ، فَإِذَا قَبَضَهَا اسْتَأْنَفَ حولها فإذا قُلْنَا: إِنَّ الْعَامِلَ شَرِيكٌ فَعَلَى رَبِّ الْمَالِ زَكَاةُ أَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ أَصْلُ الْمَالِ مِنْهَا أَلْفٌ، والخمسمائة ربح، ومن أين تخرج زَكَاتُهَا عَلَى الْوَجْهَيْنِ، فَأَمَّا الْعَامِلُ فَعَلَيْهِ زَكَاةُ خَمْسِمِائَةٍ لِأَنَّهُ مَالِكٌ لَا شَرِيكَ بِهَا، وَفِي ابتداء حولها وجهان:

أحدهما: من حين ظهور الرِّبْحُ لِأَنَّهَا فِي مِلْكِهِ ظَهَرَتْ، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: مِنْ حِينِ الْمُحَاسَبَةِ وَالتَّقْوِيمِ، لِأَنَّهَا بِذَلِكَ مُسْتَقِرَّةٌ، فَإِذَا حَالَ حَوْلُهَا لم يلزم إخراج زكاتها حتى يقبضها بجواز تَلَفِ الْمَالِ، أَوْ تَلَفِ بَعْضِهِ فَيَبْطُلُ الرِّبْحُ فَإِنْ قَبَضَهَا أَخْرَجَ زَكَاتَهَا.

فَصْلٌ

: فَلَوْ كَانَ الْعَامِلُ نَصْرَانِيًّا وَرَبُّ الْمَالِ مُسْلِمًا، فَإِنْ قِيلَ: الْعَامِلُ أَجِيرٌ فَعَلَى رَبِّ الْمَالِ زَكَاةُ جَمِيعِ الْأَلْفَيْنِ، وَإِنْ قِيلَ هُوَ شَرِيكٌ فَعَلَى رَبِّ المال زكاة ألف وخمسماية، وَتَسْقُطُ زَكَاةُ خَمْسِمِائَةٍ لِأَنَّهَا مِلْكُ النَّصْرَانِيِّ، وَلَوْ كَانَ رَبُّ الْمَالِ نَصْرَانِيًّا وَالْعَامِلُ مُسْلِمًا فَإِنْ قِيلَ: الْعَامِلُ أَجِيرٌ فَلَا زَكَاةَ فِي الْمَالِ لِأَنَّ جَمِيعَهُ مِلْكُ النَّصْرَانِيِّ، وَإِنْ قِيلَ: الْعَامِلُ شريك فلا زكاة في ألف وخمسماية لأنها ملك النصراني، وعلى العامل زكاة خمسماية، إِذَا حَالَ حَوْلُهَا فَلَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>