للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهِ فَهَلَّا كَانَ الْحَجْرُ غَيْرَ مَانِعٍ مِنْ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهِ؟ قُلْنَا: حَجْرُ الصَّبِيِّ وَالسَّفِيهِ وَاقِعٌ لِأَجْلِهِمَا، وَلِحِفْظِ أَمْوَالِهِمَا عَلَيْهِمَا، وَحَجْرُ هَذَا الْمُفْلِسِ لِأَجْلِ غُرَمَائِهِ، وَلِحِفْظِ مَالِهِ عَلَى غَيْرِهِ، فَكَانَ هَذَا الْحَجْرُ مُوَهِّيًا لِمِلْكِهِ.

فَصْلٌ

: فَلَوْ قَدَّمَهُ غُرَمَاؤُهُ إِلَى الْقَاضِي فَجَحَدَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ بَيِّنَةٌ فَحَلَفَ لَهُمْ، فَفِيهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ أَصْحَابِنَا أن حجوده غَيْرُ مُؤَثِّرٍ وَيَمِينَهُ الْكَاذِبَةَ غَيْرُ مُبَرِّئَةٍ لِبَقَاءِ الْحَقِّ عَلَيْهِ فِي ذِمَّتِهِ، فَتَكُونُ زَكَاةُ مَا بِيَدِهِ عَلَى قَوْلَيْنِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ جُحُودَهُ مع يمينه فقد أَسْقَطَ عَنْهُ الْمُطَالَبَةَ وَإِنْ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ الدَّيْنُ فَصَارَ فِي حُكْمِ مَنْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ لِسُقُوطِ الْمُطَالَبَةِ عَنْهُ، فَتَكُونُ زَكَاةُ مَا بِيَدِهِ وَاجِبَةً قَوْلًا وَاحِدًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

[مسألة:]

قال الشافعي رحمه الله تعالى: " وَكُلُّ مالٍ رُهِنَ فَحَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ أُخْرِجَ منه الزكاة قبل الدين (وقال المزني) وقد قال في كتاب اختلاف ابن أبي ليلى إِذَا كَانَتْ لَهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ وَعَلَيْهِ مِثْلُهَا فلا زكاة عليه والأول من قوليه مشهور ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: قَدْ مَضَى الْكَلَامُ فِي رَهْنِ الْمَاشِيَةِ، وَذَكَرْنَا أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ كَذَا رَهْنُ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ، لَا يَمْنَعُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ مُسْتَغْرِقًا لِقِيمَةِ الرَّهْنِ، وَهُوَ لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُ فَزَكَاتُهُ عَلَى قَوْلَيْنِ إِذَا قُلْنَا فِيهِ الزَّكَاةُ فَهَلْ يُقَدِّمُ إِخْرَاجَ الزَّكَاةِ أَوِ الدَّيْنِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقَاوِيلَ مَضَتْ، أَحَدُهَا تُقَدَّمُ الزَّكَاةُ وَالثَّانِي الدَّيْنُ، وَالثَّالِثُ هُمَا سَوَاءٌ فَيُخْرِجُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِحِسَابِ المال وقسطه والله أعلم.

[مسألة:]

قال الشافعي رحمه الله تعالى: " وَإِنْ كَانَ لَهُ دَيْنٌ يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهِ، فَعَلَيْهِ تَعْجِيلُ زَكَاتِهِ كَالْوَدِيعَةِ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: قَدْ مَضَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مُرَتَّبَةً، وَسَنَذْكُرُهَا الْآنَ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ التَّرْتِيبِ لِيَكُونَ التَّكْرَارُ مُفِيدًا.

اعْلَمْ أَنَّ مَنْ لَهُ دَيْنٌ فَلَا يَخْلُو مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ: إِمَّا أَنْ يَكُونَ حالا، أو مُؤَجَّلًا فَإِنْ كَانَ مُؤَجَّلًا فَعَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي إِسْحَاقَ يَكُونُ مَالِكًا لَهُ، وفي زكاته قولان كالمال المغصوب.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ لَا يَكُونُ مَالِكًا لَهُ، وَلَا زَكَاةَ فيه حتى

<<  <  ج: ص:  >  >>