للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وُقُوفَ الشَّافِعِيِّ فِي الْمِقْدَارِ لَا فِي الْحَوْلِ، وَالَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ أَصْحَابِنَا أَنَّ الْحَوْلَ لَا يعتبر في المقادير قَوْلًا وَاحِدًا، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وأبي حنيفة لِأَنَّهُ مُسْتَفَادٌ مِنَ الْأَرْضِ، فَلَمْ يُرَاعَ فِيهِ الحول كالزرع ولأن الحول إنما يعتبر كامل النَّمَاءِ وَهَذَا نَمَاءٌ فِي نَفْسِهِ فَلَمْ يُعْتَبَرْ فِيهِ الْحَوْلُ كَالسِّخَالِ وَأَرْبَاحِ التِّجَارَاتِ، وَمِنْ أَصْحَابِنَا من خرج ما رواه المزني قولاً ثابتاً وَاعْتَبَرَ فِيهِ الْحَوْلَ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُزَنِيِّ وَإِسْحَاقَ بن راهويه لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " لا زكاة في مالٍ حتى يحول عليه الْحَوْلُ " وَلِأَنَّهُ مِنْ جِنْسِ مَا تَتَكَرَّرُ زَكَاتُهُ فَوَجَبَ أَنْ يُعْتَبَرَ حَوْلُهُ كَالْمُسْتَفَادِ بِهِبَةٍ أَوْ مِيرَاثٍ.

فَصْلٌ

: إِذَا اجْتَمَعَ رَجُلَانِ عَلَى مَعْدِنٍ فأخذا منه معاً نصاباً، فَإِذَا قُلْنَا إِنَّ الْخُلْطَةَ لَا تَصِحُّ فِي غير المواشي على قوله في القدير فَلَا شَيْءَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَإِنْ قُلْنَا: إِنَّ الْخُلْطَةَ تَصِحُّ مِنْ غَيْرِ الْمَوَاشِي عَلَى قَوْلِهِ فِي الْجَدِيدِ فَعَلَيْهِمَا الزَّكَاةُ، لِأَنَّهُمَا خَلِيطَانِ فِي نِصَابٍ.

فَصْلٌ

: إِذَا عَمِلَ الْمُكَاتَبُ فِي الْمَعْدِنِ وَاسْتَفَادَ مِنْهُ وَرِقًا أَوْ ذَهَبًا فَلَا زكاة عليه، وإن كان مَالِكًا لِمَا أَخَذَهُ لِأَنَّهُ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الزكاة كالفيء والغنيمة، فَإِنْ قِيلَ: مَا الْفَرْقُ بَيْنَ أَنْ يَغْنَمَ المكاتب ما لا فَيُؤْخَذَ خُمُسُهُ؟ وَبَيْنَ أَنْ يَسْتَفِيدَ مَعْدِنًا أَوْ ركازاً فلا يؤخذ منا؟ قِيلَ: لِأَنَّهُ فِي الْغَنِيمَةِ لَا يَمْلِكُ إِلَّا أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِهَا وَيَمْلِكُ أَهْلُ الْخُمُسِ مَعَهُ خُمُسَهَا، وَفِي الرِّكَازِ وَالْمَعْدِنِ يَمْلِكُ جَمِيعَهُ أَوَّلًا فَإِنْ كَانَ حُرًّا اسْتَحَقَّ عَلَيْهِ خُمُسُهُ بَعْدَ مِلْكِهِ، كَمَا يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ زَكَاةَ مَالِهِ، وَإِنْ كَانَ مُكَاتَبًا لَمْ يَسْتَحِقَّ عَلَيْهِ خُمُسَهُ بَعْدَ مِلْكِهِ، كَمَا لَا يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ زَكَاةَ مَالِهِ.

فَصْلٌ

: فأما الذمي فإنه يمنع من العمل كَمَا يُمْنَعُ مِنْ إِحْيَاءِ الْمَوَاتِ فَإِنْ عَمِلَ فيه بعد ملك ما أخذه، لم تلزمه زَكَاتُهُ، لِأَنَّ الذِّمِّيَّ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ، فَإِنْ قِيلَ: إِذَا كَانَ مَمْنُوعًا مِنَ الْعَمَلِ فِي الْمَعْدِنِ كَمَا يُمْنَعُ مِنْ إِحْيَاءِ الْمَوَاتِ، فَهَلَّا كَانَ غَيْرَ مَالِكٍ لِمَا أَخَذَهُ مِنَ الْمَعْدِنِ، كَمَا كَانَ غَيْرَ مَالِكٍ لِمَا أَحْيَاهُ مِنَ الْمَوَاتِ.

قِيلَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنْ ضَرَرَ الْإِحْيَاءِ مؤبد فلم يملك به وَضَرَرُ عَمَلِهِ فِي الْمَعْدِنِ غَيْرُ مُؤَبَّدٍ فَمَلَكَ به كما يملك الصيد والماء العذب والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>