للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ أبو يوسف، وَأَبُو ثَوْرٍ: يَكُونُ رِكَازًا كَمَا لَوْ وُجِدَ فِي مَوَاتِهِمْ وَهَذَا غَلَطٌ لِأَنَّ مَا وُجِدَ فِي مَوَاتِهِمْ، رِكَازٌ لِلْجَهْلِ بِمُلَّاكِهِ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ مَا وُجِدَ في عامرهم ركاز المعرفة مُلَّاكِهِ.

فَصْلٌ

: فَأَمَّا مَنْ مَلَكَ دَارًا فَوَجَدَ فِيهَا رِكَازًا فَهُوَ لَهُ إِنِ ادَّعَاهُ، لِأَنَّ يَدَهُ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَدَّعِهِ، فَهُوَ لِمَنْ مَلَكَ الدَّارَ عَنْهُ فَإِنْ كَانَ قَدْ مَلَكَهَا بِمِيرَاثٍ، فَهُوَ مِلْكٌ لِجَمِيعِ الْوَرَثَةِ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى لَهُ مِنْهُ بِقَدْرِ إِرْثِهِ إِنِ ادَّعَاهُ، وَإِنْ أَنْكَرَهُ فَهُوَ لِمَنْ بَقِيَ مِنْ وَرَثَتِهِ إِنِ ادَّعَوْهُ، وَإِنْ أَنْكَرُوهُ فَهُوَ لِمَنْ مَلَكَ الْمَوْرُوثَ الدَّارَ عَنْهُ إِنْ كَانَ بَاقِيًا أو لورثته إِنْ كَانَ مَيِّتًا، فَإِنْ أَنْكَرُوهُ فَهُوَ لِمَنْ مَلَكُوا الدَّارَ عَنْهُ، هَكَذَا أَبَدًا وَإِنْ كَانَ قَدْ مَلَكَهَا بِابْتِيَاعٍ فَهُوَ لِلْبَائِعِ، إِنِ ادَّعَاهُ وَإِنْ أَنْكَرَهُ فَهُوَ لِمَنِ ابْتَاعَ الْبَائِعَ الدَّارَ عَنْهُ، إِنِ ادَّعَاهُ ثُمَّ كَذَلِكَ أَبَدًا.

فَصْلٌ

: فَأَمَّا مَنِ اسْتَأْجَرَ دَارًا فَوَجَدَ فِيهَا رِكَازًا فَإِنِ ادَّعَاهُ مِلْكًا فَهُوَ لَهُ، لِأَنَّ يَدَهُ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَقَرَّ أَنَّهُ رِكَازٌ وَجَدَهُ فَهُوَ لِمَالِكِ الدَّارِ، إِنِ ادَّعَاهُ دُونَ الْمُسْتَأْجِرِ فَإِنِ اخْتَلَفَ الْمُسْتَأْجِرُ وَالْمَالِكُ الْمُؤْجِرُ فَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ هُوَ مِلْكِي كَنْتُ دَفَنْتُهُ فِي الدَّارِ، وَقَالَ الْمَالِكُ بَلْ كَانَ رِكَازًا وَجَدْتُهُ فِيهَا، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْتَأْجِرِ مَعَ يَمِينِهِ وَهُوَ لَهُ لِأَنَّهُ فِي يديه وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

فَصْلٌ

: فَأَمَّا مَنْ أَقْطَعَهُ الْإِمَامُ أَرْضًا فَظَهَرَ فِيهَا رِكَازٌ فَهُوَ لِمُقْطَعِ الأرض سواء كان هذا من الْوَاجِدُ أَوْ غَيْرُهُ، لِأَنَّهُ يَمْلِكُ الْأَرْضَ بِالْإِقْطَاعِ كما يملكها بالابتياع، وكذا من أحيى أَرْضًا مَوَاتًا فَظَهَرَ فِيهَا رِكَازٌ فَهُوَ لِمُحْيِي الأرض سواء كان هو الواجد أو غيره، لأنها ملك فَهَذَا الْكَلَامُ فِي اخْتِلَافِ الرِّكَازِ وَمَوَاضِعِهِ.

فَصْلٌ

: فَأَمَّا اخْتِلَافُ حَالِ الْوَاجِدِ، فَهُوَ لِكُلِّ مَنْ وَجَدَهُ مِنْ رَجُلٍ أَوِ امْرَأَةٍ بَالِغٍ أَوْ غَيْرِ بَالِغٍ عَاقِلٍ، أَوْ مَجْنُونٍ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ، أَوْ غَيْرِ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ.

وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: لَا يَمْلِكُ الرِّكَازَ إِلَّا رَجُلٌ عَاقِلٌ فَأَمَّا المرأة أو الصبي أو المجنون، فَلَا يَمْلِكُونَهُ وَهَذَا غَلَطٌ، لِأَنَّ الرِّكَازَ كَسْبٌ لِوَاجِدِهِ كَاكْتِسَابِهِ بِالِاصْطِيَادِ وَغَيْرِهِ، فَوَجَبَ أَنْ يَسْتَوِيَ فِي تَمَلُّكِهِ الرَّجُلُ، وَالْمَرْأَةُ وَالصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ كَمَا يَسْتُوُونَ فِي الِاصْطِيَادِ وَالِاحْتِشَاشِ، وَإِذَا مَلَكُوهُ فَعَلَيْهِمْ خُمُسُهُ لِأَنَّهُمْ مِمَّنْ تَجِبُ عَلَيْهِمُ الزَّكَاةُ.

فَصْلٌ

: فَأَمَّا الْعَبْدُ إِذَا وَجَدَ رِكَازًا فَهُوَ لِسَيِّدِهِ، لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ كَسْبِهِ وَعَلَى السَّيِّدِ إِخْرَاجُ خُمُسِهِ، وَحُكِيَ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ وَالثَّوْرِيِّ، وَأَبِي عُبَيْدٍ، أن الإمام يرضخ للعبد فيه وَلَا يُعْطِيهِ كُلَّهُ وَمَا ذَكَرْنَا أَصَحُّ لِأَنَّهُ كسب كالاصطياد وكذا المدبر، والمعتق بصفقه، فَأَمَّا الْمُكَاتَبُ إِذَا وَجَدَ رِكَازًا فَهُوَ لَهُ دون سيده لأنه أملك لكسب نفسه، فلا زكاة عليه ولأنه ممن لا يلزمه زكاة ماله.

<<  <  ج: ص:  >  >>