للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَحْمُولًا عَلَى الْمُقَيَّدِ كَمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي خِطَابِ اللَّهِ تَعَالَى، وَفِي خِطَابِ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فتكون المسألة على قول واحد أنه لَا تَجِبُ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنْ يَكُونُوا زَمْنَى ويحتمل أن يجعل هذا له قولاً ثانياً فَتَكُونُ الْمَسْأَلَةُ عَلَى قَوْلَيْنِ وَلِلْكَلَامِ عَلَيْهِ مَوْضِعٌ فِي كِتَابِ النَّفَقَاتِ، هُوَ أَوْلَى بِهِ مِنْ هَذَا الْمَوْضِعِ وَأَمَّا الْمَوْلُودُونَ فَهُمُ الْبَنُونَ وَالْبَنَاتُ، وسواهم وَإِنْ سَفُلُوا وَهُمْ ضَرْبَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَغْنِيَاءُ وَالْآخَرُ فُقَرَاءُ، فَإِنْ كَانُوا أَغْنِيَاءَ فَنَفَقَاتُهُمْ فِي أَمْوَالِهِمْ وَكَذَلِكَ زَكَاةُ فِطْرِهِمْ، وَإِنْ كَانُوا فُقَرَاءَ فَضَرْبَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَعْجِزُوا عَنْ مَنَافِعِ أَنْفُسِهِمْ لِصِغَرٍ أَوْ جُنُونٍ أَوْ زَمَانَةٍ فَعَلَى الْوَالِدِ، وَإِنْ عَلَا نَفَقَاتُهُمْ.

وَقَالَ أبو حنيفة إِنْ كَانُوا كِبَارًا فَعَلَى الْوَالِدِ وَإِنْ عَلَا نَفَقَاتُهُمْ دُونَ زَكَاةِ فِطْرِهِمْ وَإِنْ كَانُوا صِغَارًا فَعَلَى الْوَالِدِ إِنْ كَانَ أَبًا نَفَقَاتُهُمْ وَزَكَاةُ فِطْرِهِمْ، وَإِنْ كَانَ جَدًّا فَعَلَيْهِ نَفَقَاتُهُمْ دُونَ فِطْرِهِمْ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونُوا كِبَارًا أَصِحَّاءَ لَا يَعْجِزُونَ عَنْ مَنَافِعِ أَنْفُسِهِمْ فَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، أَنَّهُ لَا تَجِبُ عَلَى الْوَالِدِ نَفَقَاتُهُمْ وَلَا زَكَاةُ فِطْرِهِمْ، وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي تَخْرِيجِ ابْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الْآبَاءِ هَلْ يَصِحُّ تَخْرِيجُهُ فِي الْأَبْنَاءِ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: يَصِحُّ تَخْرِيجُهُ عَلَى ضَعْفِهِ وَوَهَائِهِ فَيُخَرَّجُ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلٌ ثَانٍ: أنَّ نَفَقَاتِهِمْ وَزَكَاةَ فِطْرِهِمْ وَاجِبَةٌ بِمُجَرَّدِ الْفَقْرِ دُونَ الزَّمَانَةِ.

وَالثَّانِي: أَنَّ تَخْرِيجَهُ فِي الْأَبْنَاءِ لَا يَصِحُّ لِأَنَّ نَفَقَةَ الْآبَاءِ أَوْكَدُ مِنْ نَفَقَةِ الْأَبْنَاءِ وَوَجْهُ تَأْكِيدِهَا أَنَّ إِعْفَافَ الْأَبِ وَاجِبٌ، وَإِعْفَافَ الِابْنِ عَلَى أَبِيهِ غَيْرُ وَاجِبٍ فَلَمَّا تأكدت نفقات الأناء جَازَ أَنْ تَلْزَمَ بِالْفَقْرِ دُونَ الزَّمَانَةِ وَلَمَّا ضَعُفَتْ نَفَقَاتُ الْأَبْنَاءِ لَمْ تَلْزَمْ بِمُجَرَّدِ الْفَقْرِ حَتَّى يَقْتَرِنَ بِهِ صِغَرٌ، أَوْ زَمَانَةٌ فَأَمَّا أبو حنيفة فَإِنَّهُ وَافَقَنَا فِي وُجُوبِ النَّفَقَةِ، وخالفنا في زكاة الفطر على ما بيناه وكان من عليه زكاة الفطر إن اعْتَبَرَهَا بِالْوِلَايَةِ فَلَمْ يُوجِبْ عَلَى الِابْنِ فِطْرَةَ أَبِيهِ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَى أَبِيهِ، وَأَوْجَبَ عَلَى الْأَبِ فِطْرَةَ صِغَارِ وَلَدِهِ دُونَ كِبَارِهِمْ لِأَنَّ وِلَايَتَهُ عَلَى صِغَارِهِمْ دُونَ كِبَارِهِمْ، ثم ناقض عليه فِي الْجَدِّ فَأَوْجَبَ عَلَيْهِ نَفَقَةَ ابْنِ ابْنِهِ دُونَ فِطْرَتِهِ، وَإِنْ كَانَ صَغِيرًا مَعَ وِلَايَتِهِ عَلَيْهِ وَعِلَّتُنَا فِي وُجُوبِ الْفِطْرَةِ، وَوُجُوبِ النَّفَقَةِ رِوَايَةُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (فَرَضَ صَدَقَةَ الْفِطْرِ عَلَى كُلِّ حُرٍّ وعبدٍ ذكرٍ وَأُنْثَى مِمَّنْ تَمُونُونَ) رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ مُرْسَلًا وَرَوَاهُ غَيْرُهُ مُتَّصِلًا وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْهُ قَوْلُهُ (ممن تمونون)

<<  <  ج: ص:  >  >>