للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدهما: وهو قولي أَبِي الْعَبَّاسِ بْنُ سُرَيْجٍ لَا يَجُوزُ لَهُمَا إِخْرَاجُ صَاعٍ مِنْ جِنْسَيْنِ، وَلَا يَجْبُرُ مَنْ قُوتُهُ الشَّعِيرُ عَلَى إِخْرَاجِ الْبُرِّ لِأَنَّهُ لَا يَجِدُهُ، لَكِنْ يُخْرِجَانِ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، وَلِأَنَّ مَنْ يَقْتَاتُ الْبُرَّ يَقْدِرُ عَلَى الشَّعِيرِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ وَأَبِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ يَجُوزُ لَهُمَا إِخْرَاجُ صَاعٍ مِنْ جِنْسَيْنِ فَيُخْرِجُ مَنْ قُوتُهُ الْبُرُّ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ، وَيُخْرِجُ مَنْ قُوتُهُ الشَّعِيرُ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ شَعِيرٍ لِأَجْلِ الضَّرُورَةِ، كَمَا لَوْ كَانَتْ أَرْبَعُونَ مِنَ الْغَنَمِ بَيْنَ خَلِيطَيْنِ فَيُخْرِجُ أَحَدُهُمَا نِصْفَ شَاةٍ مِنْ غَنَمِهِ، وَهِيَ ضَأْنٌ وَيُخْرِجُ الْآخَرُ نِصْفَ شَاةٍ مِنْ غنمه وهي معزى.

[مسألة:]

قال الشافعي رضي الله عنه: " ولو كان يملك نِصْفُهُ وَنِصْفُهُ حُرٌّ فَعَلَيْهِ فِي نِصْفِهِ نِصْفُ زكاته فإن كان للعبد ما يقوته ليلة الْفِطْرِ وَيَوْمِهِ أَدَّى النِّصْفَ عَنْ نِصْفِهِ الْحُرِّ لِأَنَّهُ مَالِكٌ لِمَا اكْتَسَبَ فِي يَوْمِهِ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ.

إِذَا كَانَ نِصْفُ الْعَبْدِ حُرًّا، وَنِصْفُهُ مَمْلُوكًا فَعَلَى السَّيِّدِ نِصْفُ صَاعٍ بِحَقِّ مِلْكِهِ وَعَلَى الْعَبْدِ نِصْفُ صَاعٍ بِحُرِيَّتِهِ لِيَكُونَ الصَّاعُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ.

وَقَالَ أبو حنيفة: على العبد بقدر ما عتق منه، وَلَا شَيْءَ عَلَى السَّيِّدِ وَقَالَ مَالِكٌ: عَلَى السَّيِّدِ بِقَدْرِ مَا مَلَكَ مِنْهُ، وَلَا شَيْءَ عَلَى الْعَبْدِ وَالدَّلَالَةُ عَلَيْهِمَا حَدِيثُ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَرَضَ زَكَاةَ الْفِطْرِ عَلَى كُلِّ حُرٍّ وعبدٍ ممن تمونون، دَالٌّ عَلَى وُجُوبِهَا عَلَيْهِمَا، لِأَنَّ الْمُؤْنَةَ بَيْنَهُمَا، وَإِذَا كَانَ هَذَا ثَابِتًا لَمْ يَخْلُ حَالُ الْعَبْدِ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ إِمَّا أَنْ يَكُونَ مُهَايأ أَوْ غَيْرَ مُهَايأ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُهَايَأً فَجَمِيعُ كَسْبِهِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِهِ فَيَكُونُ لَهُ نِصْفُ كَسْبِهِ لِمَا فِيهِ مِنَ الْحُرِّيَّةِ، وَعَلَيْهِ نِصْفُ نَفَقَتِهِ وَلِسَيِّدِهِ نِصْفُ كَسْبِهِ، لِمَا فِيهِ مِنَ الرِّقِّ، وَعَلَيْهِ نِصْفُ نَفَقَتِهِ، وَيَكُونُ عَلَى السَّيِّدِ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ زَكَاةِ فِطْرِهِ، وَعَلَيْهِ إِنْ كَانَ وَاجِدًا نِصْفُ صَاعٍ مِنْ زَكَاةِ فِطْرِهِ، وَإِنْ كَانَ مُهَايَّأً، وَصُورَةُ الْمُهَايَّأَةِ أَنْ يَتَّفِقَا عَلَى أَنْ يَكْتَسِبَ لِسَيِّدِهِ شَهْرًا، وَعَلَيْهِ نَفَقَتُهُ فِيهِ، وَلِنَفْسِهِ شَهْرًا وَعَلَيْهِ نَفَقَتُهُ أَوْ يَوْمًا وَيَوْمًا، فَفِي دُخُولِ زَكَاةِ الْفِطْرِ فِي الْمُهَايَّأَةِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: تَدْخُلُ فِي الْمُهَايَّأَةِ تَبَعًا لِلنَّفَقَةِ فَعَلَى هَذَا إِنْ أَهَّلَ شَوَّالٌ فِي شَهْرِ السَّيِّدِ فَعَلَى السَّيِّدِ زَكَاةُ فِطْرِهِ صَاعٌ كَامِلٌ وَإِنْ أَهَلَّ شَوَّالٌ فِي شَهْرِ الْعَبْدِ فَعَلَيْهِ زَكَاةُ فِطْرِهِ صَاعٌ كَامِلٌ.

وَالْوَجْهُ الثاني: وهو الْأَظْهَرُ وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ أَصْحَابِنَا أَنَّ زَكَاةَ الْفِطْرَةِ غَيْرُ دَاخِلَةٍ فِي الْمُهَايَّأَةِ. وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ النَّفَقَةِ أَنَّ النَّفَقَةَ تَلْزَمُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي مُدَّتِهِ مِثْلَ مَا تَلْزَمُهُ الْأُخْرَى

<<  <  ج: ص:  >  >>