للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ

: فَلَوْ وَهَبَ رَجُلٌ لِرَجُلٍ عَبْدًا قَبْلَ شوال، ثم أقبضه العبد بعد شوال في زَكَاةِ فِطْرِهِ قَوْلَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى اخْتِلَافِ قَوْلَيْهِ فِي الْهِبَةِ مَتَى تَمَلَّكَ فَأَحَدُ قَوْلَيْهِ تَمَلَّكَ بِالْقَبْضِ، فَعَلَى هَذَا زَكَاةُ فِطْرِهِ عَلَى الْوَاهِبِ، لأنه كان في ملكه حتى أَهَلَّ شَوَّالٌ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهُ يَمْلِكُ بِالْعَقْدِ مِلْكًا مَوْقُوفًا عَلَى الْقَبْضِ فَعَلَى هَذَا زَكَاةُ الفطر عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ، لِأَنَّهُ كَانَ عَلَى مِلْكِهِ حين أهل شوال.

[مسألة:]

قال الشافعي رضي الله عنه: " ولو مَاتَ الْمُوصَى لَهُ فَوَرَثَتُهُ يَقُومُونَ مَقَامَهُ فَإِنْ قَبِلُوا فَزَكَاةُ الْفِطْرِ فِي مَالِ أَبِيهِمْ لِأَنَّهُمْ بملكه ملكوه ".

أَمَّا إِنْ مَاتَ الْمُوصَى لَهُ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي فَالْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ لَا أَعْرِفُ فِيهَا مُخَالِفًا. ".

قال الماوردي: فَأَمَّا إِنْ مَاتَ الْمُوصَى لَهُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي نُظِرَ فَإِنْ مَاتَ بَعْدَ قَبُولِهِ فَقَدْ مَلَكَ الْوَصِيَّةَ قَبْلَ مَوْتِهِ، فَزَكَاةُ الْفِطْرِ عَلَى مَا مَضَى، وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ قَبُولِهِ، فَالْوَصِيَّةُ صَحِيحَةٌ لَا تَبْطُلُ بِمَوْتِهِ وَوَرَثَتُهُ يَقُومُونَ فِي الْقَبُولِ مَقَامَهُ.

وَقَالَ أبو حنيفة: قَدْ بَطَلَتِ الوصية بموته قبل قبوله، وليس للورثة قبوله بَعْدَ مَوْتِهِ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ مَعَهُ فِي كِتَابِ " الْوَصَايَا " إِنْ شَاءَ اللَّهُ.

فَإِذَا تَقَرَّرَتْ هَذِهِ الحملة فَصُورَةُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: فِي رَجُلٍ وَصَّى بِعَبْدِهِ لِرَجُلٍ ثُمَّ مَاتَ الْمُوصِي قَبْلَ شَوَّالٍ، وَمَاتَ الْمُوصَى لَهُ قَبْلَ قَبُولِهِ وَبَعْدَ شَوَّالٍ فَوَرَثَتُهُ يقومون في القبول مقامه، وإن قبلوا، وقبل إِنَّهُمْ بِالْقَبُولِ قَدْ مَلَكُوا فَزَكَاةُ الْفِطْرِ عَلَى وَرَثَةِ الْمُوصِي، لِأَنَّهُ كَانَ عَلَى مِلْكِهِمْ قَبْلَ الْقَبُولِ، وَإِنْ قِيلَ: إِنَّ الْقَبُولَ يُنْبِئُ عَنْ ملك سابق فزكاة فطره وَاجِبَةٌ عَلَى الْمُوصَى لَهُ، وَمَأْخُوذَةٌ مِنْ تَرِكَتِهِ دُونَ وَرَثَتِهِ لِأَنَّهُمْ عَنْهُ يَمْلِكُونَهُ.

مَسْأَلَةٌ:

قَالَ الشافعي رضي الله عنه: " وَمَنْ دَخَلَ عَلَيْهِ شَوَّالٌ وَعِنْدَهُ قُوتُهُ وَقُوتُ من بقوت ليومه وَمَا يُؤَدِّي بِهِ زَكَاةَ الْفِطْرِ عَنْهُ وَعَنْهُمْ أَدَّاهَا ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ.

زَكَاةُ الْفِطْرِ تَجِبُ بِمَا فَضَلَ عَنْ قُوتِهِ يَوْمَهُ، وَلَيْلَتَهُ فَإِذَا كَانَ عِنْدَهُ قُوتُهُ وَقُوتُ مَنْ يَلْزَمُهُ قُوتُهُ فِي يَوْمِهِ وَلَيْلَتِهِ، وَفَضَلَ عَنْ ذَلِكَ قَدْرُ فِطْرَتِهِ فَقَدْ لَزِمَتْهُ زَكَاةُ الْفِطْرِ.

وَبِهِ قَالَ مِنَ الصَّحَابَةِ عَلِيٌّ وَأَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا.

وَمِنَ التَّابِعِينَ عَطَاءٌ وَابْنُ سِيرِينَ وَمِنَ الْفُقَهَاءِ مَالِكٌ وَأَبُو ثَوْرٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>