للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نَفْسِهَا فِي الصِّحَّةِ، وَالْفَسَادِ فَكَذَلِكَ الصِّيَامُ يَجِبُ أَنْ يَخْتَصَّ كُلُّ يَوْمٍ بِحُكْمِ نَفْسِهِ، وَأَمَّا اعْتِبَارُهُمْ بِالْحَجِّ فَلَنَا فِيهِ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: عَلَيْهِ لِكُلِّ وَطْءٍ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ فَسَقَطَ هَذَا الِاعْتِبَارُ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصِّيَامِ مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ لِلْحَجِّ إِحْرَامًا مَا يَجْمَعُ أَرْكَانَهُ وَيَتَعَدَّى فَسَادُ آخِرِهِ فِي صِحَّةِ أَوَّلِهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ صِيَامُ الْيَوْمَيْنِ.

وَالثَّانِي: أَنَّ الْحَجَّ يَلْزَمُهُ إِتْمَامُ فَاسِدِهِ وَتَسْتَوِي حُرْمَةُ جَمِيعِهِ فَإِذَا وَجَبَتِ الْكَفَّارَةُ لِحُرْمَةِ بَعْضِهِ، فَهِيَ نَائِبَةٌ عَنْ حُرْمَةِ جَمِيعِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ صِيَامُ الْيَوْمَيْنِ، وَأَمَّا قِيَاسُهُمْ عَلَى الْحُدُودِ فَالْمَعْنَى فِيهَا إِنَّهَا حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى لَيْسَ لِآدَمِيٍّ فِيهَا نَصِيبٌ، فَلِذَلِكَ تَدَاخَلَتْ، وَالْكَفَّارَاتُ تَتَعَلَّقُ بِحُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ، فَلَمْ تَتَدَاخَلْ فَصَحَّ أَنَّ عَلَيْهِ لِكُلِّ يَوْمٍ كَفَّارَةً.

فَصْلٌ

: فَأَمَّا إِذَا وَطِئَ فِي صَدْرِ النَّهَارِ، ثُمَّ وَطِئَ فِي وَسَطِهِ ثُمَّ وَطِئَ فِي آخِرِهِ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ إِلَّا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ، لِأَنَّ حُرْمَةَ الْيَوْمِ وَاحِدَةٌ قَدِ انْتَهَكَهَا بِالْوَطْءِ الْأَوَّلِ، فَإِنْ قِيلَ: فَلِمَ لَا أَوْجَبْتُمْ عَلَيْهِ لِكُلِّ وَطْءٍ كَفَّارَةً كَالْحَجِّ فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ؟ قُلْنَا: لِأَنَّ الْحَجَّ لَا يَخْرُجُ مِنْهُ بِالْفَسَادِ فَكَانَتْ حُرْمَتُهُ بَاقِيَةً، وَلَيْسَ كَذَلِكَ الصِّيَامُ.

فَصْلٌ

: وَلَوْ وَطِئَ أَرْبَعَ زَوْجَاتٍ لَهُ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ، كَانَ عَلَيْهِ أَرْبَعُ كَفَّارَاتٍ فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ، إِذَا قِيلَ: إِنَّ الْكَفَّارَةَ وَجَبَتْ عَلَيْهِمَا، وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي: كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ إِذَا قِيلَ: إِنَّهَا وَجَبَتْ عَلَى الزَّوْجِ وَحْدَهُ، فَلَوْ كَانَ لَهُ زَوْجَتَانِ مُسْلِمَةٌ وَذِمِّيَّةٌ فَوَطِئَهُمَا مَعًا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ، نُظِرَ فِي حَالِهِ فَإِنْ وَطِئَ الذِّمِّيَّةَ أَوَّلًا ثُمَّ الْمُسْلِمَةَ بَعْدَهَا، فَعَلَيْهِ كَفَّارَتَانِ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ وَإِنْ وَطِئَ الْمُسْلِمَةَ أَوَّلًا ثُمَّ الذِّمِّيَّةَ بَعْدَهَا، فَلَيْسَ عَلَيْهِمَا إِلَّا كفارة واحدة.

[فصل]

: وإذا تقدم الْمُسَافِرُ نَهَارًا مِنْ سَفَرِهِ، وَقَدْ أَفْطَرَ فِي صَدْرِ يَوْمِهِ فَصَادَفَ زَوْجَتَهُ، قَدْ طَهُرَتْ مِنْ حَيْضِهَا فِي تَضَاعِيفِ يَوْمِهَا فَوَطِئَهَا فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِمَا، وَلَا كَفَّارَةَ لِارْتِفَاعِ حُرْمَةِ الْيَوْمِ بِالْإِفْطَارِ السَّابِقِ، وَلَكِنْ لَوْ قَدِمَ مِنْ سَفَرِهِ مُفْطِرًا فَأَخْبَرَتْهُ بِطُهْرِهَا مِنْ حَيْضِهَا كَاذِبَةً، فَوَطِئَهَا وَهِيَ صَائِمَةٌ فَإِنْ قُلْنَا: إِنَّ الْكَفَّارَةَ فِي الْأَصْلِ وَجَبَتْ عَلَى الزَّوْجِ وَحْدَهُ، فَلَا كَفَّارَةَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَإِنْ قُلْنَا: إِنَّهَا وَجَبَتْ عَلَيْهِمَا فَعَلَيْهَا الْكَفَّارَةُ دُونَهُ لِأَنَّهَا غَرَّتْهُ وَخَرَجَ وَجْهٌ آخَرُ أَنَّ الْكَفَّارَةَ عَلَى الزَّوْجِ وَإِنْ غَرَّتْهُ لِأَجْلِ اسْتِمَاعِهِ، فَصَارَ فِي الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ:

أَحَدُهَا: لَا كَفَّارَةَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا.

وَالثَّانِي: أَنَّ الْكَفَّارَةَ عَلَيْهِمَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>