للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَكِنْ لَوْ وَجَدَهَا قَبْلَ دُخُولِهِ فِي الصَّوْمِ فَإِنْ كَفَّرَ بِهَا، فَقَدْ أَحْسَنَ، وَأَجْزَأَهُ وَإِنْ عَدَلَ عَنْهَا إِلَى الصَّوْمِ مَعَ الْيَسَارِ الطَّارِئِ، فَفِيهِ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: يُجْزِيهِ اعْتِبَارٌ بِحَالِ الْوُجُوبِ قِيَاسًا عَلَى الْحُدُودِ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: فِي الْجَدِيدِ لَا يُجْزِيهِ اعْتِبَارًا بِحَالِ الْأَدَاءِ قِيَاسًا عَلَى الصَّلَوَاتِ، فَأَمَّا إِنْ دَخَلَ فِي الصَّوْمِ ثُمَّ وَجَدَ الرَّقَبَةَ قَبْلَ كَمَالِهِ، فَهُوَ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ تَمَّمَ صَوْمَهُ وَأَجْزَأَهُ، وَإِنْ شَاءَ خَرَجَ مِنْ صَوْمِهِ وَأَعْتَقَ عَنْ كَفَّارَتِهِ، وَقَالَ أبو حنيفة: وَالْمُزَنِيُّ، عَلَيْهِ عِتْقُ الرَّقَبَةِ، وَلَا يُجْزِئُهُ الصَّوْمُ بِنَاءً عَلَى الْمُتَيَمِّمِ إِذَا رَأَى الْمَاءَ فِي أَثْنَاءِ صَلَاتِهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ مَعَهُمْ فِيهِ ثُمَّ مِنَ الدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّ الصَّوْمَ يُجْزِئُهُ هُوَ أَنَّ الْعِتْقَ مَعْنَى وُجُودِهِ يَمْنَعُ الدُّخُولَ فِي الصَّوْمِ، فَوَجَبَ إِذَا وُجِدَ بَعْدَ الدُّخُولِ فِي الصَّوْمِ أَنْ لَا يَلْزَمَهُ الرُّجُوعُ إِلَيْهِ، أَصْلُهُ الْمُتَمَتِّعُ إِذَا لَمْ يَجِدِ الْهَدْيَ فَصَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَدَخَلَ فِي السَّبْعَةِ ثُمَّ وجد الهدي قبل كمالها.

مسألة: قال الشافعي رضي الله عنه: " وَإِنْ أَكَلَ عَامِدًا فِي صَوْمِ رَمَضَانَ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْعُقُوبَةُ وَلَا كَفَّارَةَ إِلَّا بِالْجِمَاعِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ:

لَا كَفَّارَةَ عَلَى الْآكِلِ عَامِدًا فِي رَمَضَانَ، وَقَالَ مَالِكٌ: عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ بِكُلِّ حَالٍ.

وَقَالَ أبو حنيفة: إِنْ أَفْطَرَ بِجِنْسِ مَا يَقَعُ بِهِ الِاغْتِذَاءُ غَالِبًا لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ، وَإِنْ أَفْطَرَ بِمَا لَا يَقَعُ بِهِ الِاغْتِذَاءُ كَجَوْزَةٍ أَوْ حصاة لزمه القضاء ولا كفارة واستدلا بِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَجُلًا أَفْطَرَ فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بالكفارة هذا عَامٌّ فِي كُلِّ فِطْرٍ، وَبِرِوَايَةِ مُجَاهِدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ " مَنْ أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ فَعَلَيْهِ مَا عَلَى الْمُظَاهِرِ " وَاسْتَدَلَّ مَالِكٌ مُنْفَرِدًا بِهِ بِأَنْ قَالَ: لِأَنَّهُ إِفْطَارٌ بِمَعْصِيَةٍ فَوَجَبَ أَنْ تَتَعَلَّقَ بِهِ الْكَفَّارَةُ.

أَصْلُهُ: الْجِمَاعُ.

وَاسْتَدَلَّ أبو حنيفة مُنْفَرِدًا بِأَنْ قَالَ: لِأَنَّهُ إِفْطَارٌ بِأَعْلَى مَا يَقَعُ بِهِ هَتْكُ حُرْمَةِ الصَّوْمِ مِنْ جِنْسِهِ، فَوَجَبَ أَنْ تَتَعَلَّقَ بِهِ الْكَفَّارَةُ كَالْجِمَاعِ، وَالدَّلَالَةُ عَلَيْهِمَا فِي سُقُوطِ الْكَفَّارَةِ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " مَنِ اسْتَقَاءَ عَامِدًا أَفْطَرَ " وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِالْكَفَّارَةِ، وَالْمُسْتَقِيءُ عَامِدًا كَالْآكِلِ عَامِدًا، وَلِأَنَّهُ أَفْطَرَ بِمَا لَا يَجِبُ الْحَدُّ بِشَيْءٍ مِنْ جِنْسِهِ فَوَجَبَ أَنْ لَا تَلْزَمَهُ الْكَفَّارَةُ كَالْمُسْتَقِيءِ عَامِدًا، وَلِأَنَّهُ أَفْطَرَ بِغَيْرِ جِمَاعٍ فَوَجَبَ أَنْ لَا تَلْزَمَهُ الْكَفَّارَةُ الْعُظْمَى.

أَصْلُهُ: إِذَا ابْتَلَعَ حَصَاةً وَهَذِهِ عَلَى أبي حنيفة، وَلِأَنَّ كُلَّ عِبَادَةٍ مَنَعَتْ مِنَ الْوَطْءِ، وَغَيْرِهِ فَحُكْمُ الْوَطْءِ فِيهَا أَعْلَى كَالْحَجِّ، لَمَّا اسْتَوَى حَكَمُ الْوَطْءِ، وَغَيْرُهُ فِي إيجاب الكفارة اختص

<<  <  ج: ص:  >  >>