للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُسَافِرِ وَالْمَرِيضِ، فَالْمَعْنَى فِيهِ: أَنَّهُ فِطْرٌ يَخْتَصُّ بِنَفْسِهِ ارْتَفَقَ بِهِ شَخْصٌ وَاحِدٌ، وَهَذَا فِطْرٌ ارْتَفَقَ بِهِ شَخْصَانِ فَشَابَهَ الْجِمَاعَ وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: إِنَّ فِي اجْتِمَاعِهِمَا مُخَالَفَةً لِلْأُصُولِ فَغَيْرُ صَحِيحٍ، لأنه إنما يكون مخالفاً للأصول إن وَافَقَ مَعْنَى الْأُصُولِ، وَخَالَفَهَا فِي الْحُكْمِ فَأَمَّا إِذَا خَالَفَهَا فِي الْمَعْنَى فَيَجِبُ أَنْ يُخَالِفَهَا فِي الْحُكْمِ كَمَا أَنَّ الْمَعْنَى فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ لَمَّا كَانَ مُخَالِفًا لِمَعْنَى الْمَسْحِ عَلَى الْعِمَامَةِ، وَالْقُفَّازَيْنِ أَوْجَبَ اخْتِلَافَ الْحُكْمِ فِيهِمَا، وَالْمَعْنَى فِي الْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ أَنَّهُ فِطْرٌ ارْتَفَقَ بِهِ شَخْصَانِ فَشَابَهَ الْجِمَاعَ، وَخَالَفَ الْمُسَافِرَ وَالْمَرِيضَ، وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ الْمُزَنِيُّ، فَيُقَالُ لَهُ: لَيْسَتِ الْكَفَّارَاتُ مُعْتَبَرَةً بِكَثْرَةِ الْآثَامِ وَالْمَعْصِيَةِ، وَإِنَّمَا هِيَ حِكْمَةٌ اسْتَأْثَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِعِلْمِهَا أَلَا تَرَى أَنَّ الرِّدَّةَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ أَعْظَمُ مِنَ الْوَطْءِ، ثُمَّ لَا كَفَّارَةَ فِيهَا عَلَى أَنَّ معناهما يتفرق بما ذكرنا.

[مسألة:]

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَمَنْ حَرَّكَتِ الْقُبُلَةُ شَهْوَتَهُ كَرِهْتُهَا لَهُ وَإِنْ فَعَلَ لَمْ يَنْتَقِضْ صَوْمُهُ وَتَرْكُهُ أَفْضَلُ (قَالَ إبراهيم) سمعت الربيع يقول فيه قولٌ آخر أنه يفطر إلا أن يغلبه فيكون في معنى المكره يبقى ما بين أسنانه وفي فيه من الطعام فيجري به الريق وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أنه كان يقبل وهو صائم قالت عائشة وكان أملككم لإربه بأبي هو أمي (قال) وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُمَا كانا يكرهانها للشباب ولا يكرهانها للشيخ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ.

وَحُكِيَ عَنْ مُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ، وَابْنِ شُبْرُمَةَ: أَنَّ الْقُبْلَةَ تُفْطِرُ الصَّائِمَ تَعَلُّقًا بِرِوَايَةِ مَيْمُونَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال: " إذا قبل الصائم الصائمة فقد أفطره ".

وَذَهَبَ سَائِرُ الْفُقَهَاءِ: إِلَى أَنَّ الْقُبْلَةَ لَا تُفْطِرُ الصَّائِمَ إِلَّا أَنْ يُنْزِلَ مَعَهَا، فَإِنْ أَنْزَلَ أَفْطَرَ، وَلَزِمَهُ الْقَضَاءُ، وَلَا كَفَّارَةَ وَإِنَّمَا لَمْ يُفْطِرْ بِالْقُبْلَةِ، إِذَا لَمْ يُنْزِلْ لِمَا رَوَى هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عِنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يُقَبِّلُ بَعْضَ أَزْوَاجِهِ وَهُوَ صَائِمٌ فَقَالَ أَرَاكِ هِيَ فَضَحِكَتْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>