للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَصْلٌ

: فَأَمَّا الصَّبِيُّ إِذَا بَلَغَ فِي أيامٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ، فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْتَأْنِفَ صِيَامَ ما بقي، ولا يلزمه قضاء ما مضى فَإِنْ كَانَ بُلُوغُهُ لَيْلًا، اسْتَأْنَفَ الصِّيَامَ مِنَ الْغَدِ، وَإِنْ كَانَ بُلُوغُهُ نَهَارًا فَلَهُ حَالَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ فِي يَوْمِهِ ذَلِكَ صَائِمًا.

وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مُفْطِرًا فَإِنْ كَانَ فِي يَوْمِهِ مُفْطِرًا فَفِي وُجُوبِ قَضَائِهِ وَجْهَانِ كَالْكَافِرِ إِذَا أَسْلَمَ.

أَحَدُهُمَا: عَلَيْهِ الْقَضَاءُ.

وَالثَّانِي: لَا قضاء عليه وإن كان صايماً فَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَمَا عَلَيْهِ جُمْهُورُ أَصْحَابِهِ أَنَّهُ يُتَمِّمُ صَوْمَهُ وَاجِبًا، وَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ وَلَا يُمْتَنَعُ أَنْ يَكُونَ مُتَنَفِّلًا بِالصِّيَامِ فِي أَوَّلِهِ مُفْتَرِضًا فِي آخِرِهِ، كَالصَّائِمِ الْمُتَطَوِّعِ إِذَا نَذَرَ إِتْمَامَ صَوْمِهِ إِنْ قَدِمَ زَيْدٌ، فَإِذَا قَدِمَ زِيدٌ لَزِمَهُ إِتْمَامُهُ، وَإِنْ كَانَ مُتَطَوِّعًا فِي ابْتِدَائِهِ وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ سُرَيْجٍ يُسْتَحَبُّ لَهُ إِتْمَامُهُ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ إِعَادَتُهُ وَإِنَّمَا وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ لِأَنَّ نِيَّتَهُ مِنَ اللَّيْلِ كَانَتْ لِلنَّفْلِ لَا لِلْفَرْضِ، وَقَدْ مَضَى هَذَا فِي كِتَابِ " الصَّلَاةِ " وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ رَتَّبَهَا عَلَى غَيْرِ هَذَا فَقَالَ: إِذَا قِيلَ إِذَا كَانَ مُفْطِرًا لَمْ يَلْزَمْهُ الْقَضَاءُ فَهَذَا أَوْلَى أَنْ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ، وَإِذَا قِيلَ: لَوْ كَانَ مُفْطِرًا لَزِمَهُ الْقَضَاءُ فَفِي هَذَا وَجْهَانِ:

فَصْلٌ

: فَأَمَّا الْمَجْنُونُ إِذَا أَفَاقَ، فَلَهُ حَالَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يُفِيقَ بَعْدَ مُضِيِّ زَمَانِ رَمَضَانَ، فَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وأبي حنيفة وَسَائِرِ الْفُقَهَاءِ لَا يَلْزَمُهُ القضاء.

وقال أبو العباس بن سريح عَلَيْهِ قَضَاءُ جَمِيعِ الشَّهْرِ كَالْمُغْمَى عَلَيْهِ، وَهَذَا مَذْهَبٌ لَهُ وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ، لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثٍ وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يُفِيقَ وَيُفَارِقَ الْإِغْمَاءَ لِأَنَّ الْإِغْمَاءَ مَرَضٌ يَحْدُثُ مِثْلُهُ بِالْأَنْبِيَاءِ، وَالْجُنُونُ نَقْصٌ يَزُولُ مَعَهُ التَّكْلِيفُ، وَلَا يَجُوزُ حُدُوثُ مِثْلِهِ بِالْأَنْبِيَاءِ وَالْحَالُ الثَّانِيَةُ، أَنْ يُفِيقَ فِي خِلَالِ شَهْرِ رَمَضَانَ فَعَلَيْهِ أن يستأنف صيام ما بقي، ولا يلزمه قضاء ما مضى فإن أفاق ليلاً واستأنف الصِّيَامَ مِنَ الْغَدِ وَإِنْ أَفَاقَ نَهَارًا فَهَلْ يَلْزَمُهُ قَضَاءُ يَوْمِهِ، أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ مَضَيَا فَأَمَّا قَضَاءُ مَا مَضَى فَلَا يَلْزَمُهُ، وَقَالَ أبو حنيفة: إِذَا أَفَاقَ فِي خِلَالِ الشَّهْرِ فَعَلَيْهِ قَضَاءُ مَا مَضَى مِنْهُ تَعَلُّقًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمْ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) {البقرة: ١٨٥) قَالَ: وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ أَرَادَ مَنْ شَهِدَ جُزْءًا مِنْهُ فَلْيَصُمْهُ لِأَنَّهُ لَوْ أَرَادَ مَنْ شَهِدَ جَمِيعَهُ لَوَقَعَ الصِّيَامُ فِي شَوَّالٍ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَهَذَا الْمَجْنُونُ , قَدْ شَهِدَ جُزْءًا مِنَ الشَّهْرِ، فَوَجَبَ أَنْ يَلْزَمَهُ صِيَامُ جَمِيعِهِ قَالَ: وَلِأَنَّهُ مَعْنَى لَا يُنَافِي الصَّوْمَ، فَوَجَبَ أَنْ لَا يُسْقِطَ الْقَضَاءَ كَالْإِغْمَاءِ قَالَ فَإِنْ مَنَعْتُمْ مِنْ تَسْلِيمِ الْوَصْفِ دَلَّلْنَا عَلَيْهِ بِأَنَّهُ مَعْنَى يُزِيلُ الْعَقْلَ فَوَجَبَ

<<  <  ج: ص:  >  >>