للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[مسألة:]

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ دَخَلَ فِيهِ قَبْلَ الْغُرُوبِ، فَإِذَا أَهَلَّ شَوَّالٌ فَقَدْ أَتَمَّ الْعَشْرَ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ.

إِذَا أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ لِنَذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ، دَخَلَ فِيهِ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ لَيْلَةِ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَخَرَجَ منه قبل غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ لَيْلَةِ شَوَّالٍ وَإِنَّمَا أَمَرْنَاهُ بِالدُّخُولِ فِيهِ قَبْلَ الْغُرُوبِ، وَالْخُرُوجِ مِنْهُ بَعْدَ الْغُرُوبِ لِيَكُونَ مُسْتَوْفِيًا لِلْعَشْرِ بِكَمَالِهِ، وَلَا يُمْكِنُ اسْتِيفَاءُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْمُجَاوَزَةِ، كَمَا لَا يُمْكِنُ اسْتِيفَاءُ الصِّيَامِ إِلَّا بِمُجَاوَزَةِ الْإِمْسَاكِ إِلَى جُزْءٍ مِنَ اللَّيْلِ، وَكَذَلِكَ سَتْرُ الْعَوْرَةِ، وَغَسْلُ الْوَجْهِ فِي الطَّهَارَةِ، وَلَا يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهُمَا إِلَّا بِالْمُجَاوَزَةِ إِلَى غَيْرِهِمَا، فَإِذَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ مِنْ لَيْلَةِ شَوَّالٍ، فَقَدْ خَرَجَ مِنَ اعْتِكَافِهِ سَوَاءً كَانَ الشَّهْرُ تَامًّا أَوْ نَاقِصًا، لِأَنَّ اسْمَ الْعَشْرِ يَتَنَاوَلُهُ وَلَكِنْ لَوْ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ أَيَّامًا كَامِلَةً، فَإِنْ كَانَ الشَّهْرُ تَامًّا أَجْزَأَهُ وَإِنْ كَانَ نَاقِصًا لَزِمَهُ اعْتِكَافُ يَوْمٍ آخَرَ مِنْ شَوَّالٍ لِأَنَّ الْعَشْرَةَ الْأَيَّامَ تُوجِبُ اسْتِيفَاءَ الْعَدَدِ، كَمَا لَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَعْتَكِفَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا، فَاعْتَكَفَ شَهْرًا بَيْنَ الهلالين فإذا كَانَ تَامًّا أَجْزَأَهُ، وَإِنْ كَانَ نَاقِصًا لَزِمَهُ اعْتِكَافُ يَوْمٍ آخَرَ لِيَسْتَوْفِيَ الْعَدَدَ، فَأَمَّا اعْتِكَافُ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ فَمِثَالُهُ: أَنْ يَقُولَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَعْتَكِفَ شَهْرًا، فَإِذَا اعْتَكَفَ شَهْرًا بَيْنَ الْهِلَالَيْنِ، أَجْزَأَهُ تَامًّا كَانَ أَوْ نَاقِصًا، وَحُكِيَ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ وَأَبِي ثَوْرٍ إِذَا نَذَرَ اعْتِكَافَ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ دَخَلَ فِيهِ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، لِمَا رَوَتْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ إِذَا اعْتَكَفَ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ صَلَّى الْفَجْرَ ثُمَّ دَخَلَ فِي مُعْتَكَفِهِ وَهَذَا غَلَطٌ وَبِمَا ذَهَبْنَا إِلَيْهِ قَالَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ لِرِوَايَةِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: مَنْ أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ فَلْيَبِتْ فِي مُعْتَكَفِهِ، وَلِأَنَّ كُلَّ لَيْلَةٍ تَتْبَعُ الْيَوْمَ الَّذِي بَعْدَهَا أَلَا تَرَى أَنَّ شَهْرَ رَمَضَانَ يَدْخُلُ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْ شَعْبَانَ فَأَمَّا حَدِيثُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَلَا يُخَالِفُ مَا ذَكَرْنَا لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - دَخَلَ فِيهِ عَلَى اخْتِيَارِهِ وَلَمْ يَقْصِدِ اسْتِيفَاءَ الْعَشْرِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ دَخَلَ فِيهِ بَعْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ , وَلَيْسَ ذَلِكَ أَوَّلَ الْعَشْرِ إِجْمَاعًا.

مَسْأَلَةٌ:

قال الشافعي رحمه الله تعالى: " وَلَا بَأْسَ أَنْ يَشْتَرِطَ فِي الِاعْتِكَافِ الَّذِي أَوْجَبَهُ بِأَنْ يَقُولَ إِنْ عَرَضَ لِي عَارِضٌ خَرَجْتُ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>