للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ: وَالْحَالَةُ الثَّالِثَةُ

: أَنْ يَأْتِيَ بِهِ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنَ الْعُمْرَةِ، وَقَبْلَ إِحْرَامِهِ بِالْحَجِّ فَفِيهِ قَوْلَانِ:

أَصَحُّهُمَا: وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْإِمْلَاءِ يُجْزِئُهُ لِأَنَّ حُقُوقَ الْمَالِ إِذَا تَعَلَّقَتْ بِشَيْئَيْنِ جَازَ تَقْدِيمُهُمَا إِذَا وُجِدَ أَحَدُ الشَّيْئَيْنِ كَالزَّكْوَاتِ وَالْكَفَّارَاتِ وَكَذَلِكَ دَمُ التَّمَتُّعِ وَيَجِبُ بِأَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ، وَبِكَمَالِ الْعُمْرَةِ قَدْ وَجَبَ مِنْهَا شَيْئَانِ وَهُوَ كَوْنُهُ غَيْرَ حَاضِرٍ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَقَبْلَ الْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ فَجَازَ تَقْدِيمُ الدَّمِ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: لَا يُجْزِئُهُ قِيَاسًا عَلَى الصَّوْمِ، نَقَلَهُ ابْنُ خَيْرَانَ عَنِ التَّمَتُّعِ.

وَالْحَالَةُ الرَّابِعَةُ: أَنْ يَأْتِيَ بِهِ قَبْلَ فَرَاغِهِ مِنَ الْعُمْرَةِ، فَلَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ بِحَالٍ البقاء أَكْثَرِ أَسْبَابِهِ.

فَصْلٌ

: وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَفَرْضُهُ الصِّيَامُ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامٌ ثَلاَثَةِ أيَّامٍ فِي الحَجِّ وَسَبْعَةٌ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشْرَةٌ كَامِلَةٌ) {البقرة: ١٩٦) وَاعْتِبَارُ يَسَارِهِ، وَإِعْسَارِهِ بِمَكَّةَ لَا بِبَلَدِهِ، وَخَالَفَ كَفَّارَةَ الْحِنْثِ الَّتِي لَا يَنْتَقِلُ فِيهَا إِلَى الصَّوْمِ، إِذَا كَانَ لَهُ مَالٌ وَإِنْ بَعُدَ مِنْهُ مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: اخْتِصَاصُ الْهَدْيِ بِمَكَانٍ مَخْصُوصٍ.

وَالثَّانِي: اخْتِصَاصُ بَدَلِهِ، وَهُوَ الصَّوْمُ بِزَمَانٍ مَخْصُوصٍ، فَإِذَا أَرَادَ الصِّيَامَ فَلَهُ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَصُومَ بَعْدَ إِحْرَامِهِ بِالْحَجِّ فَيُجْزِيهِ ذَلِكَ بِإِجْمَاعٍ عَلَى مَا نَصِفُهُ وَنَذْكُرُهُ.

وَالْحَالَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَصُومَ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنَ الْعُمْرَةِ وَقَبْلَ إِحْرَامِهِ بِالْحَجِّ، فَلَا يُجْزِئُهُ بِحَالٍ.

وَقَالَ أبو حنيفة يُجْزِيهِ وَالدَّلَالَةُ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى: {فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أيَّامٍ فِي الحَجِّ} (البقرة: ١٩٦) وَلِأَنَّهُ صَوْمٌ وَاجِبٌ، فَوَجَبَ أَنْ لَا يَجُوزَ فِعْلُهُ قَبْلَ وُجُوبِهِ قِيَاسًا عَلَى صَوْمِ رَمَضَانَ، وَالْعَجَبُ مِنْ أبي حنيفة يَمْنَعُ مِنَ الْهَدْيِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مَعَ تَعَلُّقِهِ بِالْمَالِ، وَيُجِيزُ الصِّيَامَ مَعَ كَوْنِهِ مِنْ أَعْمَالِ الْأَبْدَانِ، وَهَذَا خُرُوجٌ عَنْ أُصُولِ الشَّرْعِ فِي الْعِبَادَاتِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْأَبْدَانِ وَالْأَمْوَالِ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ فِي الشَّرْعِ بَدَلٌ يَجِبُ فِي وَقْتٍ لَا يَجُوزُ فِيهِ مُبْدَلُهُ، فَكَانَ فِي ذَلِكَ خِلَافُ أُصُولِ الشَّرْعِ مِنْ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ.

وَالْحَالَةُ الثَّالِثَةُ: أَنْ يَصُومَ قَبْلَ فَرَاغِهِ مِنَ الْعُمْرَةِ، فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يُجْزِيهِ الصَّوْمُ بحال.

<<  <  ج: ص:  >  >>