للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْهَا بَعْدَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ، فَلَمْ تُجْزِهِ الْعُمْرَةُ وَإِنْ كَانَ مُعْتَمِرًا فَقَدْ أَدْخَلَ الْحَجَّ بَعْدَ فَوَاتِ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ فَلَمْ يُجْزِهِ الْحَجُّ، وَكَذَا لَوْ طَرَأَ عَلَيْهِ الشَّكُّ بَعْدَ طَوَافِهِ وَسَعْيِهِ، أَتَى مَا بَقِيَ مِنْ أَفْعَالِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَلَمْ يُجْزِهِ عَنْ حَجٍّ وَلَا عُمْرَةٍ.

فَصْلٌ

: فَأَمَّا إِذَا قَالَ: إِحْرَامًا كَإِحْرَامِ زَيْدٍ، فَهُوَ جَائِزٌ وَمُحْرِمٌ بِمَا أَحْرَمَ بِهِ زَيْدٌ مِنْ حج أو عمرة أو قران، لأن عليّاً بْنَ أَبِي طَالِبٍ، وَأَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَحْرَمَا بِالْيَمَنِ، وَقَالَا: إِهْلَالًا كَإِهْلَالِ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مُحْرِمًا بِالْحَجِّ، لِأَنَّهُ كَانَ قَدْ سَاقَ هَدْيًا، فَأَمَرَ عَلِيًّا عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنْ يُحْرِمَ بِالْحَجِّ؛ لأنه قد كان سَاقَ هَدْيًا، وَأَمَرَ أَبَا مُوسَى أَنْ يُحْرِمَ بَعُمْرَةٍ، لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَدْ سَاقَ هَدْيًا، فَإِذَا ثَبَتَ هَذَا، فَلَا يَخْلُو حَالُ زَيْدٍ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ: إِمَّا أَنْ يَكُونَ مُحْرِمًا، أَوْ حَلَالًا. وَإِنْ كَانَ زَيْدٌ حَلَالًا، قِيلَ بهذا الْمُحْرِمِ: لَكَ أَنْ تَصْرِفَ إِحْرَامَكَ إِلَى مَا شِئْتَ مِنْ حَجٍّ، أَوْ عُمْرَةٍ، أَوْ قِرَانٍ.

فَإِنْ قِيلَ: فَإِذَا كَانَ زَيْدٌ حَلَالًا، فَهَلَّا كَانَ هَذَا حَلَالًا؛ لِأَنَّهُ مِثْلُهُ، وَقَدْ جَعَلَ عَلَى نَفْسِهِ مِثْلَ مَا جَعَلَ زَيْدٌ عَلَى نَفْسِهِ.

قِيلَ هَذَا، قَدْ عَقَدَ إِحْرَامَ نَفْسِهِ، وَلَمْ يُقَلْ أَنَا مُحْرِمٌ إِنْ كَانَ زَيْدٌ مُحْرِمًا، وَإِنَّمَا جَعَلَ صِفَةَ إِحْرَامِهِ كَصِفَةِ إِحْرَامِ زَيْدٍ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ زَيْدٌ مُحْرِمًا لَمْ يَكُنْ إِحْرَامُ هَذَا مَوْصُوفًا، وَكَانَ مَوْقُوفًا، وَوَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَصْرِفَهُ إِلَى مَا شَاءَ مِنْ حَجٍّ، أَوْ عُمْرَةٍ، أَوْ قِرَانٍ، وَإِنْ كَانَ زَيْدٌ مُحْرِمًا، فَلَا يَخْلُو حَالُ هَذَا الْمُحْرِمِ، كَإِحْرَامِهِ مِنْ إِحْرَامَيْنِ، وَإِمَّا أَنْ يَعْلَمَ بِمَاذَا أَحْرَمَ زَيْدٌ أَوْ لَا يَعْلَمَ، فَإِنْ عَلِمَ بِمَاذَا أَحْرَمَ زَيْدٌ أَحْرَمَ بِمِثْلِهِ، فَإِنْ كَانَ زَيْدٌ حَاجًّا، أَحْرَمَ بِالْحَجِّ، وَإِنْ كَانَ مُعْتَمِرًا أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ، وَإِنْ كَانَ قَارِنًا قَرَنَ وَالْعِلْمُ بِإِحْرَامِهِ قَدْ يَكُونُ بِإِخْبَارِهِ وَقَوْلِهِ، إِذْ لَا سَبِيلَ إِلَى الْوُصُولِ إِلَيْهِ إِلَّا مِنْ جِهَتِهِ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ، بِمَاذَا أَحْرَمَ زَيْدٌ، لِأَنَّ زَيْدًا قَدْ مَاتَ، أَوْ غَابَ، فَعَلَيْهِ أَنْ يَنْوِيَ الْقِرَانَ. نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْجَدِيدِ وَالْقَدِيمِ، لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ زَيْدٌ قَارِنًا، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إِذَا شَكَّ فِي إِحْرَامِ نَفْسِهِ، هَلْ كَانَ قَارِنًا أَوْ مُفْرِدًا؟ يَكُونُ قَارِنًا، قَوْلًا وَاحِدًا؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَدْ قَرَنَ، كَمَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ زَيْدٌ قَدْ قَرَنَ، فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا.

وَلَوْ قَالَ: إِحْرَامِي كَإِحْرَامِ زَيْدٍ وَعَمْرٍو، فَكَانَ أَحَدُهُمَا مُحْرِمًا بِحَجٍّ، وَالْآخَرُ بِعُمْرَةٍ كَانَ هَذَا قَارِنًا، وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا قَارِنًا وَالْآخَرُ حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا كَانَ قَارِنًا وَلَوْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُحْرِمًا بِحَجٍّ كَانَ حَاجًّا لَا غَيْرَ، وَلَوْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُحْرِمًا بِعُمْرَةٍ كَانَ هذا معتمر، كَمَنْ أَحْرَمَ بِحَجَّتَيْنِ أَوْ عُمْرَتَيْنِ لَمْ يَلْزَمْهُ إلا واحدة.

[مسألة]

: قال الشافعي رضي الله عنه: " ويرفع صوته بالتلبية لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -

<<  <  ج: ص:  >  >>