للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَحَدُهُمَا: لِأَجْلِ الْحِلَاقِ.

وَالثَّانِي: لِأَجْلِ الْقِرَانِ، وَلَا يَلْزَمُهُ طَوَافٌ وَلَا سَعْيٌ، وَقَدْ أَجْزَأَهُ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ. وَإِنْ كَانَ مُحْدِثًا فِي طَوَافِ الْحَجِّ دُونَ الْعُمْرَةِ، فَقَدْ أَكْمَلَ الْعُمْرَةَ، ثُمَّ أَحْرَمَ بَعْدَهَا بِالْحَجِّ فَصَارَ مُتَمَتِّعًا، فَعَلَيْهِ دَمُ التَّمَتُّعِ، وَقَدْ طَافَ وَسَعَى عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ، فَلَا يُعْتَدُّ بِطَوَافِهِ وَسَعْيِهِ، وَعَلَيْهِ أَنْ يَطُوفَ وَيَسْعَى، فَعَلَى هَذَا التَّنْزِيلِ، يَلْزَمُهُ دَمٌ؛ لِتَمَتُّعِهُ بِطَوَافٍ وَسَعْيٍ، وَيُجْزِئُهُ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ، فَعَلَى هَذَيْنِ التَّنْزِيلَيْنِ، يَلْزَمُهُ طَوَافٌ وَسَعْيٌ، لِيُصْبِحَ أَدَاؤُهُ لِفَرْضِ النُّسُكَيْنِ يَقِينًا، وَقَدْ أَجْزَأَهُ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ جَمِيعًا، وَعَلَيْهِ دَمٌ وَاحِدٌ يَقِينًا، لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ قَارِنًا أَوْ مُتَمَتِّعًا، وَأَيُّهُمَا كَانَ، فَقَدْ لَزِمَهُ دَمٌ، فَأَمَّا دَمُ الْحِلَاقِ، فَلَا يَلْزَمُهُ، لِأَنَّهُ مَشْكُوكٌ فِي وُجُوبِهِ، فَإِنْ قِيلَ قَدْ أَوْجَبْتُمْ عَلَيْهِ الطَّوَافَ وَالسَّعْيَ مَعَ الشَّكِّ فِي وُجُوبِهِ، فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ دَمِ الْحِلَاقِ؟

قِيلَ: الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا: أَنَّ الطَّوَافَ وَالسَّعْيَ مِنْ أَرْكَانِ الْحَجِّ، وَمَا شَكَّ فِي فِعْلِهِ مِنْ أَرْكَانِ حَجِّهِ، لَزِمَهُ الْإِتْيَانُ بِهِ، كَمَنْ شَكَّ فِي رُكْنٍ مِنْ أَرْكَانِ صَلَاتِهِ، لَزِمَهُ الْإِتْيَانُ بِهِ، وَدَمُ الْحِلَاقِ لَيْسَ مِنَ الْحَجِّ، وَمَنْ شك في لزوم بما لَيْسَ مِنْ حَجِّهِ، لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ كَمَنْ شَكَّ فِي صَلَاتِهِ، هَلْ تَكَلَّمَ أَمْ لَا، لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ.

فَصْلٌ

: فَإِنْ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ، وَتَحَلَّلَ مِنْهَا، ثُمَّ وَطِئَ بَعْدَهَا، ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ وَتَحَلَّلَ مِنْهُ، ثُمَّ تَيَقَّنَ أَنَّهُ كَانَ مُحْدِثًا فِي أَحَدِ طَوَافَيْهِ، إِمَّا فِي الْعُمْرَةِ أَوْ فِي الْحَجِّ، فَعَلَيْهِ طَوَافٌ وَسَعْيٌ، وَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ دَمٌ مَعَ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ، لِأَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُحْدِثًا فِي طَوَافِ الْعُمْرَةِ، فَلَمْ يُعْتَدَّ بِطَوَافِهِ وَسَعْيِهِ فيها، ولزمه دم لحلقه، لأنه حلق لم يَتَحَلَّلُ بِهِ، ثُمَّ وَطِئَ وَهُوَ بَاقٍ عَلَى إِحْرَامِهِ بِالْعُمْرَةِ، فَأَفْسَدَ عُمْرَتَهُ وَلَزِمَهُ قَضَاؤُهَا. وَبَدَنَةٌ، لِإِفْسَادِهَا، ثُمَّ أَحْرَمَ بَعْدَ ذَلِكَ بِالْحَجِّ وَطَافَ وَسَعَى فِيهِ.

وَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا، فِيمَنْ أَدْخَلَ حَجًّا عَلَى عُمْرَةٍ فَأَفْسَدَهَا. هَلْ يَصِيرُ قَارِنًا أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: لَا يَكُونُ قَارِنًا، وَيَكُونُ إِحْرَامُهُ بِالْحَجِّ بَاطِلًا، لَكِنْ يَكُونُ طَوَافُهُ وَسَعْيُهُ فِي الْحَجِّ، نَائِبًا عَنْ طَوَافِهِ وسعيه في العمرة، وقد يتحلل مِنْهَا.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَكُونُ قَارِنًا، فَعَلَى هَذَا طَوَافُهُ وَسَعْيُهُ فِي الْحَجِّ، يُجْزِئُهُ عَنِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، وَيَلْزَمُهُ قَضَاءُ الْعُمْرَةِ، وَهَلْ يَلْزَمُهُ قَضَاءُ الْحَجِّ أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ فَعَلَى هَذَا التَّنْزِيلِ، قَدْ لَزِمَهُ قَضَاءُ الْعُمْرَةِ وَقَضَاءُ الْحَجِّ، على أحد الوجهين، وبدنة للوطئ، وَدَمٌ لِلْحَلْقِ، وَدَمٌ لِلْقِرَانِ، عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، فَهَذَا حُكْمُهُ إِنْ كَانَ مُحْدِثًا فِي طَوَافِهِ لِلْعُمْرَةِ، وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُحْدِثًا فِي طَوَافِ الْحَجِّ، فَعَلَى هَذَا قَدْ سَلِمَتِ الْعُمْرَةُ، وَخَرَجَ مِنْهَا خُرُوجًا

<<  <  ج: ص:  >  >>