للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَخَالَفَ الْقَصْرَ فَإِذَا أَجْمَعَ الْإِمَامُ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَنْوِيَ الْجَمْعَ عِنْدَ افْتِتَاحِ الْأُولَى فَأَمَّا الَّذِينَ خَلْفَهُ مِنَ الْمَأْمُومِينَ فَعَلَى وَجْهَيْنِ:

أَصَحُّهُمَا: عَلَيْهِمْ أَنْ يَنْوُوا الْجَمْعَ وَيُوصِيَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِهَا وَيُخْبِرُ مَنْ عَلِمَ مَنْ جَهِلَ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَصِحَّ جَمْعُ الْإِمَامِ إِلَّا بِنِيَّةِ الْجَمْعِ لَمْ يَصِحَّ جَمْعُ الْمَأْمُومِينَ إِلَّا بِنِيَّةِ الْجَمْعِ كَالْجَمْعِ بِغَيْرِ عَرَفَةَ.

وَالثَّانِي: أَنَّهُمْ إِنْ جَمَعُوا مِنْ غَيْرِ نِيَّةِ الْجَمْعِ أَجْزَأَهُمْ لِاخْتِصَاصِ الْمَوْضِعِ لِجَوَازِ الْجَمْعِ وَلِحُوقِ الْمَشَقَّةِ فِي إِعْلَامِ الْكُلِّ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جَمَعَ هُنَاكَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُنَادِيَ فِيهِمْ بِالْجَمْعِ وَلَا أَخْبَرَهُمْ بِهِ.

فَصْلٌ

: فَأَمَّا مَنْ جَاءَ وَقَدْ فَاتَتْهُ صَلَاةُ الْإِمَامِ فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ صَلَاتَيِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ إِذَا كَانَ مُسَافِرًا سَوَاءٌ صَلَّى فِي جَمَاعَةٍ أَوْ فرادى وقال أبو حنيفة لا تجمع الصَّلَاةَ إِلَّا مَعَ الْإِمَامِ كَالْجُمُعَةِ.

وَدَلِيلُنَا أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا إِذَا فَاتَهُ الْجَمْعُ مَعَ الْإِمَامِ وَلَيْسَ لَهُ مُخَالِفٌ فَكَانَ إِجْمَاعًا، وَلِأَنَّ كُلَّ جَمْعٍ جَازَ مَعَ الْإِمَامِ جَازَ انْفِرَادُهُ بِهِ كَالْجَمْعِ بِمُزْدَلِفَةَ فَإِذَا صَحَّ لَهُ الْجَمْعُ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْجَمْعُ إِلَّا بِنِيَّةٍ فَيَجْمَعُ نَاوِيًا إِنْ كَانَ مسافراً أن يقصر إِنْ شَاءَ وَيُتِمُّ الصَّلَاةَ إِنْ كَانَ مُقِيمًا، وَهَلْ يَجُوْزُ لَهُ الْجَمْعُ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ مَبْنِيَّيْنِ عَلَى اخْتِلَافِ قَوْلِهِ فِي جَوَازِ الْجَمْعِ فِي السَّفَرِ الْقَصِيرِ.

فَصْلٌ

: وَيُسِرُّ بِالْقِرَاءَةِ فِيهِمَا جَمِيعًا، وَلَا يَجْهَرُ.

وَقَالَ أبو حنيفة: يَجْهَرُ فِيهِمَا بِالْقِرَاءَةِ كَالْجُمُعَةِ لِتَقَدُّمِ الْخُطْبَةِ، وَهَذَا خَطَأٌ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَنْ نَقَلَ حَجَّ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رَوَى أَنَّهُ أَسَرَّ بِالْقِرَاءَةِ، وَبِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صَلَاةُ النَّهَارِ عَجْمَاءُ إِلَّا الْجُمُعَةَ وَالْعِيدَيْنِ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَيْسَ بِعَرَفَةَ وَلَا مِنًى وَلَا مُزْدَلِفَةَ جُمْعَةٌ وَلَا صَلَاةُ عِيدٍ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ فِي حَجَّتِهِ فِي عَرَفَةَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَلَمْ يُصَلِّ الْجُمُعَةَ وَفِيهِ نَزَلَ قَوْله تَعَالَى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيْتُ لَكُمُ الإسْلاَمَ دِيناً) {المائدة: ٣) فَرُوِيَ أَنَّ بَعْضَ أَحْبَارِ الْيَهُودِ قَالَ لِابْنِ عَبَّاسٍ لَوْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَيْنَا لَكَانَ لَنَا يَوْمَ عِيدٍ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَدْ كَانَتْ وَاللَّهِ فِي عِيدَيْنِ اثْنَيْنِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَيَوْمَ عَرَفَةَ فَلَوْ تَرَكَ الْإِمَامُ الْخُطْبَةَ يَوْمَ عَرَفَةَ وَالصَّلَاةَ فِي مَسْجِدِ إِبْرَاهِيمَ كَانَ مُسِيئًا لِمُخَالَفَةِ السُّنَّةِ وَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ وَلَا فِدْيَةَ.

مَسْأَلَةٌ

: قال الشافعي رضي الله عنه: " ثُمَّ يَرْكَبُ فَيَرُوحُ إِلَى الْمَوْقِفِ عِنْدَ الصَّخَرَاتِ ثُمَّ يَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ بِالدُّعَاءِ وَحَيْثُمَا وَقَفَ النَّاسُ من عرفة أجزأهم لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال " هذا

<<  <  ج: ص:  >  >>