للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَرَوَى حُصَيْنُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ حَرَّكَ دَابَّتَهُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ حَتَّى إِنَّ فَخْذَهُ لَتَكْدَمُ بِالْقَتْبِ.

وَرَوَى هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ يحرك في محسرٍ وَيَقُولُ:

(إِلَيْكَ تَعْدُو قَلِقًا وَضِينُهَا ... مُخَالِفًا دِينَ النَّصَارَى دِينُهَا)

وَرَوَى أَبُو الْعَالِيَةِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ أَوْضَعَ فِي وَادِي مُحَسِّرٍ وَهُوَ يَقُولُ:

(إِلَيْكَ تَعْدُو قَلِقًا وَضِينُهَا ... مُخَالِفًا دين النصارى دينها)

(معرضاً في بطنها جنينها)

مسألة: قال الشافعي رضي الله عنه: " فَإِذَا أَتَى مِنًى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ مِنْ بطن الوادي سبع حصياتٍ ويرفع يديه كلما رمى حتى بياض إبطه ما تحت منكبيه وَيُكَبِّرُ مَعَ كُلِ حصاةٍ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَمَّا حُدُودُ مِنًى فَقَدْ ذَكَرَ الشَّافِعِيُّ أَنَّهَا مَا بَيْنَ وَادِي مُحَسِّرٍ - (وَلَيْسَ مُحَسِّرٌ مِنْهَا) - إِلَى الْعَقَبَةِ الَّتِي عِنْدَهَا الْجَمْرَةُ الدُّنْيَا إِلَى مَكَّةَ، وَهِيَ الْعَقَبَةُ الَّتِي بَايَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عِنْدَهَا الْأَنْصَارَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ، وَلَيْسَ مَا وَرَاءَ العقبة منها، وسواء سهولها وَجَبَلُهَا، وَعَامِرُهَا وَخَرَابُهَا.

فَأَمَّا جِبَالُهَا الْمُحِيطَةُ بِجَنْبَاتِهَا فَمَا أَقْبَلَ مِنْهَا عَلَى مِنًى فَهُوَ مِنْهَا، فَأَمَّا مَا أَدْبَرَ مِنَ الْجِبَالِ فَلَيْسَ مِنْهَا، وفي تسميتها منى ثلاث تَأْوِيلَاتٍ:

أَحَدُهَا: أَنَّهَا سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِمَا يُمْنَى فِيهَا مِنْ دِمَاءِ الْهَدْيِ أَيِ: يُرَاقُ، وَلِذَلِكَ سُمِّيَ مَاءُ الطُّهْرِ مَنِيًّا أَيْ: يُرَاقُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى) {القيامة: ٣٧) .

وَالثَّانِي: أَنَّهَا سُمِّيَتْ بِذَلِكَ: لِأَنَّ الله تعالى منى فِيهَا عَلَى إِبْرَاهِيمَ بِأَنْ فَدَى ابْنَهُ بِكَبْشٍ وَاسْتَنْقَذَهُ مِنَ الذَّبْحِ.

الثَّالِثُ: أَنَّهَا سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مَنَّ فِيهَا عَلَى عِبَادِهِ بِالْمَغْفِرَةِ، وَلِهَذَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَمَّا دَخَلَهَا قَالَ: " اللَّهُمَّ وَهَذِهِ مِنًى الَّتِي مَنَنْتَ بِهَا عَلَيْنَا فَبَارِكِ اللَّهُمَّ لَنَا فِي رَوَاحِنَا وَغُدُوِّنَا " فَإِذَا أَتَى مِنًى قَالَ هَذَا وَابْتَدَأَ بِرَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ، وَهِيَ آخِرُ الْجَمَرَاتِ لِلذَّاهِبِ مِنْ مِنًى إِلَى مَكَّةَ، وَهِيَ أَضْيَقُهُنَّ فيرميها بسبع حصيات، وذلك أو مناسكه الواجبة

<<  <  ج: ص:  >  >>