للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: دِرْهَمَانِ.

وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: ثُلُثُ شَاةٍ فَإِنْ تَرَكَ ثَلَاثَ لَيَالٍ فَعَلَيْهِ دَمٌ لَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ.

وَقَالَ أبو حنيفة: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي تَرْكِ الْمَبِيتِ اسْتِدْلَالًا بِأَنَّهُ مَبِيتٌ مَشْرُوعٌ بِمِنًى فَوَجَبَ أَنْ لَا يَتَعَلَّقَ بِهِ دَمٌ قِيَاسًا عَلَى لَيْلَةِ عَرَفَةَ.

وَدَلِيلُنَا هُوَ أَنَّهُ نُسُكٌ مَشْرُوعٌ بَعْدَ التَّحَلُّلِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ وَاجِبًا يَتَعَلَّقُ بِتَرْكِهِ الدَّمُ قِيَاسًا عَلَى الرَّمْيِ، فَأَمَّا لَيْلَةُ عَرَفَةَ فَلَيْسَتْ نُسُكًا فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ الْفِدْيَةَ مَا ذَكَرْنَا فَقَدِ اخْتَلَفَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ هَلْ ذَلِكَ وَاجِبٌ أَوْ مُسْتَحَبٌّ عَلَى قَوْلَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُهُ فِي الْقَدِيمِ وَالْجَدِيدِ وَاجِبٌ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: نَصَّ عَلَيْهِ فِي " الأم " و " الإملاء " أنه استحباب وهذا أحد الدماء الأربعة فقد ذكرنا وجه ذلك.

مسألة: قال الشافعي رضي الله عنه: " وَيَفْعَلُ الصَّبِيُّ فِي كُلِّ أَمْرِهِ مَا يَفْعَلُ الْكَبِيرُ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَمَّا إِحْرَامُ الصَّبِيِّ فَصَحِيحٌ فَإِنْ كَانَ مُرَاهِقًا صَحَّ إِحْرَامُهُ بِنَفْسِهِ وَإِنْ كان طفلاً أحرم عنه وليه وكان إحرامه لِلصَّبِيِّ شَرْعِيًّا وَإِنْ فَعَلَ الصَّبِيُّ مَا يُوجِبُ الْفِدْيَةَ لَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ وَقَالَ أبو حنيفة: إِحْرَامُ الصَّبِيِّ غَيْرُ مُنْعَقِدٍ وَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ فِيمَا يَفْعَلُهُ مِنَ الْمَحْظُورَاتِ تَعَلُّقًا بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثٍ عَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَبْلُغَ " وَلِأَنَّ كُلَّ مَنْ لَمْ يُلْزَمِ الْحَجَّ بقوله لم يلزمه بفعله كالمجنون، ولأنها عبارة عَنِ الْبَدَنِ فَوَجَبَ أَنْ لَا يَنُوبَ الْكَبِيرُ فِيهَا عَنِ الصَّغِيرِ كَالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ.

وَدَلِيلُنَا رِوَايَةُ الشَّافِعِيِّ عَنْ مَالِكٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَرَّ بامرأةٍ وَهِيَ فِي مِحَفَّتِهَا فَقِيلَ لَهَا: هَذَا رَسُولُ اللَّهِ فَأَخَذَتْ بَعَضُدِ صَبِيٍّ كَانَ مَعَهَا وَقَالَتْ: أَلِهَذَا حَجٌّ؟ قَالَ: " نَعَمْ وَلَكِ أَجْرٌ ".

وَرَوَى الْأَعْمَشُ عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أَيُّمَا صَبِيٍّ حَجَّ ثُمَّ بَلَغَ فَعَلَيْهِ أَنْ يَحُجَّ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ " فَإِذَا ثَبَتَ لِلصَّبِيِّ حجاً فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ حَجًّا شَرْعِيًّا وَرَوَى أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: " حَجَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ وَمَعَنَا النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ فَلَبَّيْنَا عَنِ الصِّبْيَانِ وَرَمَيْنَا عَنْهُمْ " وَلِأَنَّ كُلَّ مَنْ مُنِعَ مِمَّا يُمْنَعُ مِنْهُ الْمُحْرِمُ كَانَ مُحْرِمًا كَالْبَالِغِ إِذَا أَحْرَمَ عَاقِلًا ثُمَّ جُنَّ وَلِأَنَّهَا عِبَادَةٌ تَجِبُ ابْتِدَاءً بِالشَّرْعِ عِنْدَ وُجُودِ مَالٍ فَوَجَبَ أَنْ يَنُوبَ الْوَلِيُّ فِيهَا عَنِ الصَّغِيرِ كَصَدَقَةِ الْفِطْرِ فَأَمَّا تَعَلُّقُهُمْ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثٍ ".

<<  <  ج: ص:  >  >>