للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (كَانَ يَسْجُدُ وَيَنَامُ وَيَنْفُخُ، ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي وَلَا يَتَوَضَأُ. فَقُلْتُ لَهُ: صَلَّيْتَ وَلَمْ تَتَوَضَّأْ وَقَدْ نِمْتَ فَقَالَ: إِنَّمَا الْوُضُوءُ عَلَى مَنْ نَامَ مُضْطَجِعًا فَإِنَهُ إِذَا اضْطَجَعَ اسْتَرْخَتْ مَفَاصِلُهُ، وَهَذَا نَصٌّ، وَرَوَى حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ قَالَ: كُنْتُ نَائِمًا فِي الْمَسْجِدِ فَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى مَنْكِبِي فَانْتَبَهْتُ فَقُلْتُ أَمِنْ هَذَا وضوءٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ: (لَا، أَوْ تَضَعُ جَنْبَكَ عَلَى الْأَرْضِ) فَنَفَى عَنْهُ وُجُوبَ الْوُضُوءِ إِلَّا أَنْ يَضَعَ جَنْبَهُ.

قَالُوا: وَلِأَنَّ كُلَّ حَالَةٍ هِيَ مِنْ أَحْوَالِ الصَّلَاةِ في الاختبار لَمْ يَكُنِ النَّوْمُ عَلَيْهَا مُوجِبًا لِلْوُضُوءِ كَالْجُلُوسِ، وَدَلِيلُنَا قَوْله تَعَالَى: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} (المائدة: ٦) ، فَكَانَ الدَّلِيلُ فِيهَا مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: عُمُومُهَا عَلَى كُلِّ قَائِمٍ إِلَى الصَّلَاةِ.

وَالثَّانِي: مَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّهُ قَالَ فِي الْآيَةِ: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ} مِنْ نومٍ، وَرَوَى مَحْفُوظُ بْنُ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَائِذٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " وِكَاءُ السَّهِ الْعَيْنَانِ فَمَنْ نَامَ فَلْيَتَوَضَّأْ "، وَفِيهِ دَلِيلَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ جَعَلَ الْعَيْنَيْنِ وِكَاءَ السَّهِ فَاقْتَضَى أَنْ يَكُونَ نَوْمُ الْعَيْنَيْنِ مُزِيلًا لِلْوِكَاءِ عَلَى الْعُمُومِ إِلَّا مَا خَصَّهُ دَلِيلُ الْجُلُوسِ.

وَالثَّانِي: عُمُومُ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَنْ نَامَ فَلْيَتَوَضَّأْ ".

وَرَوَى زِرُّ بْنُ حُبَيْشٍ عن صفوان بن عسال المراوي قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَأْمُرُنَا إِذَا كُنَّا مُسَافِرِينَ أَوْ سَفْرَى أَلَّا ننزع خفافنا ثلاثة أيامٍ ولياليهن إلا من جَنَابَةٍ لَكِنْ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>