للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ الصَّبِيِّ إِذَا بَلَغَ وَالْعَبْدِ إِذَا عُتِقَ والذمي إذا أسلم وقد أحرموا

مسألة: قال الشافعي رضي الله عنه: " وَإِذَا بَلَغَ غُلَامٌ أَوْ أُعْتِقَ عَبْدٌ أَوْ أَسْلَمَ ذِمِّيٌّ وَقَدْ أَحْرَمُوا ثُمَّ وَافَوْا عَرَفَةَ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ فَقَدْ أدركوا الحج وعليهم دم (قال) وفي مَوْضِعٍ آخَرَ إِنَّهُ لَا يَبِينُ لَهُ أَنَّ الْغُلَامَ وَالْعَبْدَ عَلَيْهِمَا فِي ذَلِكَ دَمٌ وَأَوْجَبَهُ عَلَى الْكَافِرِ لِأَنَّ إِحْرَامَهُ قَبْلَ عَرَفَةَ وَهُوَ كافر ليس بإحرام (قال المزني) فإذا لم يبن عنده أن على العبد والصبي دماً وهما مسلمان فالكافر أحق أن لا يكون عليه دم لأن إحرامه مع الكفر ليس بإحرام والإسلام يجب ما كان قبله وإنما وجب عليه الحج مع الإسلام بعرفاتٍ فكأنها منزلةٌ أو كرجل صار إلى عرفة ولا يريد حجاً ثم أحرم أو كمن جاوز الميقات لا يريد حجاً ثم أحرم فلا دم عليه وكذلك نقول ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَشْتَمِلُ عَلَى صَبِيٍّ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ ثُمَّ بَلَغَ، وَعَبْدٍ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ ثم أعتق وكافراً أَحْرَمَ بِالْحَجِّ ثُمَّ أَسْلَمَ فَبَدَأَ بِالْكَلَامِ فِي الصَّبِيِّ وَالْعَبْدِ لِبِدَايَةِ الشَّافِعِيِّ بِهِمَا وَاشْتِرَاكِ حُكْمِهِمَا قَدْ ذَكَرْنَا فِيمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْحَجَّ يَصِحُّ مِنَ الصَّبِيِّ وَالْعَبْدِ وَذَكَرْنَا خِلَافَ أبي حنيفة في الصبي.

ودليلنا عليه فإذا ثبت صحة حجمهما فبلغ الصبي وأعتق العبد بعد حجمهما لَمْ تُجْزِهِمَا عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَكَانَ فَرْضُ الحج إذا وجب عليهما باقياً في ذمتهما لِرِوَايَةِ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَوْ حَجَّ الصَّبِيُّ عَشْرَ حِجَجٍ كَانَ عَلَيْهِ حَجَّةٌ بَعْدَ أَنْ يَكْبُرَ وَلَوْ حَجَّ الْعَبْدُ عَشْرَ حججٍ كَانَ عَلَيْهِ حَجَّةٌ بَعْدَ أَنْ يُعْتَقَ " فَأَمَّا إِذَا بَلَغَ الصَّبِيُّ وَأُعْتِقَ الْعَبْدُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ وَقَبْلَ الْإِحْلَالِ فَلِذَلِكَ ضَرْبَانِ

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ الْبُلُوغُ وَالْعِتْقُ قَبْلَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ بَعْدَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ أَوْ فِي عَرَفَةَ فَهُمَا سَوَاءٌ وَالْحُكْمُ فِيهِمَا وَاحِدٌ فَيُجْزِئُهَا عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَيُسْقِطُ ذَلِكَ فَرْضَ الْحَجِّ عَنْهُمَا.

وَقَالَ أبو حنيفة: لَا يُجْزِئُهُمَا عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَيَكُونُ حَجُّ الصَّبِيِّ بَاطِلًا إِلَّا أَنْ يَسْتَأْنِفَ الْإِحْرَامَ بَعْدَ الْبُلُوغِ بِنَاءً عَلَى أَصْلِهِ فِي أَنَّ حَجَّ الصَّبِيِّ لَا يَصِحُّ وَيَكُونُ حَجُّ الْعَبْدِ

<<  <  ج: ص:  >  >>