للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَدُهُمَا: يَصِحُّ فَعَلَى هَذَا بَطَلَ الِاعْتِرَاضُ بِهِ.

وَالثَّانِي: لَا يَصِحُّ فَعَلَى هَذَا الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعَبْدِ أَنَّ الْإِحْرَامَ اعْتِقَادٌ وَالْعَبْدُ مِنْ أَهْلِ الِاعْتِقَادِ فَصَحَّ بِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدِهِ وَالصَّبِيُّ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الِاعْتِقَادِ فَلَمْ يَصِحَّ أَنْ يَكُونَ مُحْرِمًا إِلَّا بِاعْتِقَادِ وَلِيِّهِ.

فَصْلٌ

: فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ إِحْرَامَهُ بِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدِهِ مُنْعَقِدٌ فَلِلسَّيِّدِ الْخِيَارُ بَيْنَ أَنْ يُمَكِّنَهُ مِنْ إِتْمَامِ حَجِّهِ وَهُوَ أَوْلَى بِهِ لِمَا يَعُودُ عَلَيْهِ مِنْ ثَوَابِ فِعْلِهِ وَبَيْنَ أَنْ يَمْنَعَهُ لِمَا وَجَبَ لَهُ مِنَ اسْتِحْقَاقِ تَصَرُّفِهِ فَإِنْ مَنَعَهُ صَارَ الْعَبْدُ كَالْمُحْصَرِ يَجِبُ عَلَيْهِ مَا يَجِبُ عَلَى الْمَحْصَرِ وَيَتَحَلَّلُ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَخْلُ حَالُهُ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ: إِمَّا أن يُمَلِّكَهُ السَّيِّدُ هَدْيًا أَوْ لَا يُمَلِّكَهُ فَإِنْ مَلَّكَهُ السَّيِّدُ هَدْيًا فَهَلْ يُجْزِئُهُ أَنْ يُكَفِّرَ بِهِ أَمْ لَا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: يُجْزِئُهُ عَلَى قَوْلِهِ فِي الْقَدِيمِ إِنَّ الْعَبْدَ يَمْلِكُ إِذَا مُلِّكَ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ عَلَى إِحْرَامِهِ وَلَا يُحِلُّ مِنْهُ حَتَّى يُهْدِيَ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: لَا يُجْزِئُهُ عَلَى قَوْلِهِ فِي الْجَدِيدِ إِنَّ الْعَبْدَ لَا يَمْلِكُ إِذَا مُلِّكَ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ كَمَا لَوْ لَمْ يُمَلِّكْهُ السَّيِّدُ، وَقَدِ اخْتَلَفَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ هَلْ لِدَمِ الْإِحْصَارِ بَدَلٌ يَرْجِعُ إِلَيْهِ عِنْدَ عَدَمِهِ أَمْ لَا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: لَا بَدَلَ لَهُ وَيَكُونُ الدَّمُ فِي ذِمَّتِهِ وَهَلْ يَتَحَلَّلُ مِنْ إِحْرَامِهِ قَبْلَ إِرَاقَتِهِ أَمْ لَا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ:

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: لَهُ بَدَلٌ وَهُوَ الصَّوْمُ وَفِي قَدْرِهِ ثَلَاثَةُ أَقَاوِيلَ:

أَحَدُهَا: صِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ كَفِدْيَةِ الْأَذَى.

وَالثَّانِي: صِيَامُ عَشَرَةِ أَيَّامٍ مِثْلُ فِدْيَةِ التَّمَتُّعِ.

وَالثَّالِثُ: تُقَوَّمُ الشَّاةُ دَرَاهِمَ وَالدَّرَاهِمُ طَعَامًا وَيَصُومُ عَنْ كُلِّ مُدٍّ يَوْمًا كَجَزَاءِ الصَّيْدِ وَعَلَى هَذَا هَلْ يَتَحَلَّلُ مِنْ إِحْرَامِهِ قَبْلَ صِيَامِهِ أَمْ لَا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ كَمَا قُلْنَا فِي الْحُرِّ سَوَاءٌ وَكَانَ أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيُّ يَقُولُ: يَجُوزُ أَنْ يَتَحَلَّلَ قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَى الدَّمِ وَقَبْلَ الصَّوْمِ قَوْلًا وَاحِدًا بِخِلَافِ الْحُرِّ لِأَنَّهُ إِنَّمَا أُمِرَ بِالتَّحَلُّلِ لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْ سَيِّدِهِ وَفِي الْبَقَاءِ عَلَى إِحْرَامِهِ أَعْظَمُ إِضْرَارًا بِهِ.

فَصْلٌ

: إِذَا أَذِنَ السَّيِّدُ لِعَبْدِهِ فِي الْإِحْرَامِ بحج أو عمرة ثم رجع السيد عَنْ إِذْنِهِ فَإِنْ رَجَعَ قَبْلَ إِحْرَامِهِ لَمْ يكن للعبد الإحرام بعد رجوع سيده، لأنه فَعَلَ الْإِحْرَامَ غَيْرَ مُلْزَمٍ لِشَيْءٍ مِنْ أَفْعَالِ حَجِّهِ وَلِلسَّيِّدِ أَنْ يَمْنَعَ عَبْدَهُ مِنْ فِعْلِ مَا لَمْ يُلْزِمْهُ وَإِنْ رَجَعَ بَعْدَ إِحْرَامِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ.

وَقَالَ أبو حنيفة: لَهُ الرُّجُوعُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ كَمَا لَهُ الرُّجُوعُ قَبْلَهُ وَيُجْبِرُهُ عَلَى الْإِحْلَالِ، وَهَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ، لِأَنَّ الْعَبْدَ بِإِحْرَامِهِ عَنْ إِذْنِ سَيِّدِهِ قَدْ لَزِمَهُ إِتْمَامُ حَجِّهِ وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ مَنْعُ

<<  <  ج: ص:  >  >>