للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَوْ أَخْرَجَ السَّيِّدُ عَنْهُ الدَّمَ لَمْ يُجْزِهِ إِلَّا بِأَمْرِهِ وَإِنْ أَخْرَجَهُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ مَا يَفْتَقِرُ إِلَى النِّيَّةِ لَا يَصِحُّ فِعْلُهُ عَنِ الْحَيِّ إِلَّا بِأَمْرِهِ.

فَصْلٌ

: فَإِنْ مَاتَ الْعَبْدُ قَبْلَ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْ نَفْسِهِ بِالصَّوْمِ وَقَبْلَ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْهُ سَيِّدُهُ بِالدَّمِ فَإِنْ قُلْنَا إِنَّ الْكَفَّارَةَ وَجَبَتْ عَلَى السَّيِّدِ فِيمَا أَمَرَهُ بِفِعْلِهِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فَعَلَى السَّيِّدِ إِخْرَاجُهَا وَإِنْ قُلْنَا إِنَّهَا وَجَبَتْ عَلَى الْعَبْدِ فِيمَا لَمْ يَأْمُرْهُ السَّيِّدُ أَوْ فِيمَا أَمَرَهُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ لَمْ يَلْزَمِ السَّيِّدَ إِخْرَاجُهَا، لِأَنَّهَا لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ فَإِنْ تَطَوَّعَ السَّيِّدُ بِإِخْرَاجِهَا عَنْهُ أَجْزَأَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ مَعًا سَوَاءٌ قِيلَ إِنَّ الْعَبْدَ يَمْلِكُ إِذَا مُلِّكَ أَمْ لَا، لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِتَمْلِيكٍ لِلْعَبْدِ وَإِنَّمَا هُوَ إِسْقَاطُ فَرْضٍ لَزِمَهُ بِدَفْعِهِ إِلَى الْمَسَاكِينِ وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَمَرَ سَعْدًا أَنْ يَتَصَدَّقَ عَنْ أُمِّهِ فَإِنْ قِيلَ فَإِذَا جَوَّزْتُمْ تَكْفِيرَ السَّيِّدِ عَنْ عَبْدِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِتَمْلِيكٍ لَهُ وَإِنَّمَا هُوَ إِسْقَاطُ فَرْضٍ لَزِمَهُ بِدَفْعِهِ إِلَى الْمَسَاكِينِ فَهَلَّا جَوَّزْتُمْ تَكْفِيرَ السَّيِّدِ عَنْهُ فِي حَيَاتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ تَمْلِيكٌ لَهُ وَإِنَّمَا هُوَ إِسْقَاطُ فَرْضٍ لَزِمَهُ بِدَفْعِهِ إِلَى الْمَسَاكِينِ.

قِيلَ: إِنَّمَا أَجْزَأَهُ تَكْفِيرُهُ عَنْهُ بَعْدَ مَوْتِهِ وَلَمْ يُجْزِهِ فِي حَيَاتِهِ، لِأَنَّهُ يَفْتَقِرُ إِلَى إِذْنِهِ فِي الْحَيَاةِ وَهُوَ مِمَّنْ لَا يَصْلُحُ مِنْهُ التَّكْفِيرُ بِالدَّمِ فَلَمْ يَصِحَّ مِنْهُ إِذْنُهُ فِيهِ وَلَا يَفْتَقِرُ إِلَى إِذْنِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ فَصَحَّ التَّكْفِيرُ عَنْهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>