للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَصْلٌ

: إِذَا قَتَلَ الْمُحِلُّ صَيْدًا فِي الْحَرَمِ فَهَلْ يُؤْكَلُ أَمْ لَا؟ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِيهِ: فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: عَلَى قَوْلَيْنِ كَالْمُحْرِمِ إِذَا قَتَلَ صَيْدًا.

وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَا يُؤْكَلُ قَوْلًا وَاحِدًا، وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَا قُتِلَ فِي الْحَرَمِ وَبَيْنَ مَا قُتِلَ فِي الْإِحْرَامِ: أَنَّ الْمُحْرِمَ قَدْ يَسْتَبِيحُ قَتْلَ الصَّيْدِ بَعْدَ إِحْلَالِهِ، وَالْحَرَمُ لَا يُسْتَبَاحُ قَتْلُ صَيْدِهِ بِحَالٍ، فَعَلَى هَذَا لَوْ أَنَّ مُحْرِمًا قَتَلَ صَيْدًا فِي الْحَرَمِ فَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا هَلْ يُغَلَّبُ حُكْمُ الْحَرَمِ أَوْ حُكْمُ الْإِحْرَامِ عَلَى وَجْهَيْنِ.

مَسْأَلَةٌ

: قال الشافعي: رضي الله عنه: " وَمَا أَصَابَ مِنَ الْصَيْدِ فِدَاهُ إِلَى أَنْ يَخْرُجَ مِنَ إِحْرَامِهِ وَخُرُوجِهِ مِنَ الْعُمْرَةِ بِالطَّوَافِ والسعي والحلاق وخروجه من الحج خروجان الأول الرمي والحلاق وهكذا لو طاف بعد عرفة وحلق وإن لم يرم فقد خرج من الإحرام فإن أصاب بعد ذلك صيداً في الحل فليس عليه شيءٌ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: قَدْ مَضَى الْكَلَامُ فِيمَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ مِنْ قَتْلِ الصَّيْدِ وَمَا يَلْزَمُهُ مِنَ الْجَزَاءِ فِيهِ، وَأَنَّهُ بَعْدَ إِحْلَالِهِ يَسْتَبِيحُ مِنْ قَتْلِ الصَّيْدِ مَا كَانَ مَحْظُورًا عَلَيْهِ فِي إِحْرَامِهِ، وَإِذَا كَانَ هَذَا مُقَرَّرًا فَلَا يَخْلُو حَالُ الْمُحْرِمِ: إِمَّا أَنْ يَكُونَ إِحْرَامُهُ بِحَجٍّ أَوْ بِعُمْرَةٍ، فَإِنْ كَانَ إِحْرَامُهُ بِعُمْرَةٍ فَلَهُ إِحْلَالٌ وَاحِدٌ قَدْ ذَكَرْنَاهُ وَهُوَ الطَّوَافُ وَالسَّعْيُ وَالْحِلَاقُ، فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ حَلَّ مِنْ إِحْرَامِهِ، وَإِنْ طَافَ وَسَعَى وَلَمْ يَحْلِقْ فَهَلْ يَتَحَلَّلُ أَمْ لَا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: قَدْ حَلَّ إِذَا قِيلَ: إِنَّ الْحَلْقَ إِبَاحَةٌ بَعْدَ حَظْرٍ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهُ بَاقٍ عَلَى إِحْرَامِهِ يَلْزَمُهُ جَزَاءُ الصَّيْدِ بِقَتْلِهِ إِذَا قِيلَ: إِنَّ الْحَلْقَ نُسُكٌ يَتَحَلَّلُ بِهِ.

وَأَمَّا الْحَجُّ فله إحلالان فإن قِيلَ: إِنَّ الْحَلْقَ إِبَاحَةٌ بَعْدَ حَظْرٍ كَانَ إِحْلَالُهُ الْأَوَّلُ بِوَاحِدٍ مِنْ شَيْئَيْنِ: إِمَّا الرَّمْيُ أَوِ الطَّوَافُ، وَإِحْلَالُهُ الثَّانِي بِهِمَا جَمِيعًا، وَإِنْ قِيلَ: إِنَّ الْحَلْقَ نُسُكٌ يَتَحَلَّلُ بِهِ كَانَ إِحْلَالُهُ الْأَوَّلُ بِشَيْئَيْنِ مِنْ ثَلَاثَةٍ: إِمَّا الرَّمْيُ وَالْحَلْقُ، أَوِ الرَّمْيُ وَالطَّوَافُ، أَوِ الْحِلَاقُ وَالطَّوَافُ. وَإِحْلَالُهُ الثَّانِي بِالثَّلَاثَةِ كُلِّهَا، فَإِذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَإِنْ حَلَّ مِنْ حَجِّهِ الْإِحْلَالَ الثَّانِي حَلَّ لَهُ قَتْلُ الصَّيْدِ، وَإِنْ حَلَّ إِحْلَالَهُ الْأَوَّلَ دُونَ الثَّانِي فَهَلْ يَحِلُّ لَهُ قَتْلُ الصَّيْدِ أَمْ لَا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ ذَكَرْنَاهُمَا:

أَحَدُهُمَا: قَدْ حَلَّ وَلَا جَزَاءَ عَلَيْهِ.

وَالثَّانِي: هُوَ حَرَامٌ عَلَيْهِ، وَإِنْ قَتَلَهُ كَانَ عَلَيْهِ الْجَزَاءُ.

فَصْلٌ

: قَدْ مَضَى الْكَلَامُ فِي صَيْدِ الْحَرَمِ، فَأَمَّا صَيْدُ الْمَدِينَةِ فَهُوَ عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ حَرَامٌ كَصَيْدِ الْحَرَمِ، وَقَالَ أبو حنيفة: صَيْدُ الْمَدِينَةِ حَلَالٌ اسْتِدْلَالًا بِأَنَّ صَيْدَ الْمَدِينَةِ مِمَّا تَعُمُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>