للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُفْسِدًا لِلْعِلَّةِ مَانِعًا مِنْ صِحَّةِ الْجَمْعِ لِأَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا يُوجِبُ تَسَاوِيَ حُكْمِهِمَا، وَاخْتِلَافُ مَوْضُوعِهِمَا يُوجِبُ التَّفْرِيقَ بَيْنَهُمَا.

وَقَالَ آخَرُونَ: لَا يَمْنَعُ ذَلِكَ مِنْ صِحَّةِ الْجَمْعِ وَلَا يُوجِبُ فَسَادَ الْعِلَّةِ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْفَرْعُ مُسَاوِيًا لِأَصْلِهِ فِي حُكْمٍ وَإِنْ خَالَفَهُ فِي غَيْرِهِ لِأَنَّ أَحْكَامَهُمَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ مُتَعَذَّرٌ.

وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ مِنْ وُجُوهِ الْفَسَادِ عَدَمُ التَّأْثِيرِ. وَهُوَ أَنْ يَضُمَّ الْمُعَلِّلُ إِلَى أَوْصَافِ عِلَّتِهِ وَصْفًا لَوْ عُدِمَتْهُ الْعِلَّةُ فِي الْأَصْلِ لَمْ يُعْدَمِ الْحُكْمُ. فَفَسَدَ بِذَلِكَ أَنْ يَكُونَ مَجْمُوعُ تِلْكَ الْأَوْصَافِ عِلَّةً وَوَجَبَ إِسْقَاطُ الْوَصْفِ الَّذِي لَا يؤثر عِلَّتُهُ فِي الْأَصْلِ.

لِأَنَّهُ لَوْ جَازَ أَنْ يُجْعَلَ مِنْ أَوْصَافِ الْعِلَّةِ مَا لَا يَضُرُّ فقده في الحكم إثبات مَا لَا نِهَايَةَ لَهُ مِنَ الْأَوْصَافِ.

وَالْوَجْهُ الرَّابِعُ: الْكَسْرُ. وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْوَصْفُ الْمَزِيدُ فِي عِلَّةِ الْأَصْلِ احْتِرَازًا مِنِ انْتِقَاضِهَا بِفَرْعٍ مِنَ الْفُرُوعِ فَلَا يَجُوزُ ضَمُّ هَذَا الْوَصْفِ إِلَيْهَا وَتَصِيرُ الْعِلَّةُ مُنْتَقَضَةً عَلَى قَوْلِ جُمْهُورِ أَصْحَابِنَا، لِأَنَّ عِلَّةَ الْأَصْلِ يَجِبُ أَنْ يَتَقَدَّمَ الْعِلْمُ بِصِحَّتِهَا ثُمَّ يَجْرِي فِي فُرُوعِهَا. فإن لم يؤثر وصف منها في فَسَاد الْعِلَّةِ وَهَذَا الْوَجْهُ مُؤَلَّفٌ مِنْ عَدَمِ التَّأْثِيرِ وَالنَّقْضِ.

وَالْوَجْهُ الْخَامِسُ: الْقَلْبُ. وَهُوَ أَنْ يُعَلَّقَ بِعِلَّةِ الْأَصْلِ نَقِيضُ حُكْمِهَا مِثَالُهُ: أَنْ يُعَلِّلَ الْحَنَفِيُّ وُجُوبَ الصِّيَامِ فِي الِاعْتِكَافِ بِأَنَّهُ لُبْثٌ فِي مَكَانٍ مَخْصُوصٍ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ مِنْ شَرْطِهِ اقْتِرَانُ مَعْنًى آخَرَ إِلَيْهِ.

أَصْلُهُ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ: فَنَقْلِبُ هَذَا الْقِيَاسَ عَلَيْهِ وَنَقُولُ لِأَنَّهُ لُبْثٌ فِي مَكَانٍ مَخْصُوصٍ فَوَجَبَ أَلَّا يَكُونَ مِنْ شَرْطِهِ الصَّوْمُ كَالْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ فَيَكُونُ فهنا فَسَادًا لِلْعِلَّةِ. وَلَكَ فِي هَذَا الْمِثَالِ أَنْ تَمْنَعَ الْعِلَّةَ بِوَجْهٍ سَادِسٍ وَهُوَ الْقَوْلُ بِمُوجَبِ الْعِلَّةِ وَهُوَ أَنْ تَقُولَ أَنَا أُضُمُّ إِلَيْهِ مَعْنًى آخَرَ وَهُوَ النِّيَّةُ فَيَكُونُ هَذَا قَوْلًا بِمُوجَبِ الْعِلَّةِ. وَهَذَا إِنَّمَا يَخْتَصُّ بِالْحُكْمِ إِذَا كَانَ مُجْمَلًا وَيَصِيرُ النِّزَاعُ فِي الْحُكْمِ مَانِعًا من العلة أن تكون موجهة لِمَا ادَّعَاهُ مِنَ الْحُكْمِ.

وَالْوَجْهُ السَّابِعُ: النَّقْضُ وَيَكُونُ بِحَسْبَ الْعِلَّةِ.

وَالْعِلَلُ ضَرْبَانِ. عِلَّةُ نَوْعٍ، وَعِلَّةُ جِنْسٍ. فَأَمَّا عِلَّةُ النَّوْعِ فَمِثْلُ تَعْلِيلِ الْبُرِّ لِثُبُوتِ الرِّبَا فِيهِ بِأَنَّهُ مَطْعُومٌ. وَأَمَّا عِلَّةُ الْجِنْسِ فَمِثْلُ تَعْلِيلِ جِنْسِ الرِّبَا بِأَنَّهُ مَطْعُومٌ.

فَإِنْ كَانَ التَّعْلِيلُ لِنَوْعٍ. كَانَ نَقْضُ الْعِلَّةِ فِيهِ بِوُجُودِ الْعِلَّةِ مَعَ ارْتِفَاعِ الْحُكْمِ فَإِذَا وُجِدَ مَطْعُومٌ لَيْسَ فِيهِ رِبًا كَانَ نَقْضًا.

وَلَا يَنْتَقِضُ بِوُجُودِ الرِّبَا فِيمَا لَيْسَ بِمَعْلُومٍ مِنَ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ. وَإِنْ كَانَ التَّعْلِيلُ لِلْجِنْسِ كَتَعْلِيلِ جِنْسِ الرِّبَا بِأَنَّهُ مَطْعُومٌ انْتَقَضَتْ هَذِهِ الْعِلَّةُ مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: وُجُودُ الْعِلَّةِ مَعَ ارْتِفَاعِ الْحُكْمِ حَتَّى إِنْ كَانَ مَطْعُومًا لَا رِبَا فِيهِ كَانَ نَقْضًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>