للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِهِمَا الذَّبْحُ أَوْ لَمْ يُرَدْ وَرِطْلَ نُحَاسٍ بِرِطْلَيْنِ وَعَرْضٌ بِعَرْضَيْنِ إِذَا دَفَعَ الْعَاجِلَ وَوَصَفَ الْآجِلَ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: قَدْ مَضَى الْكَلَامُ فِي جَوَازِ بِيعِ الْحَيَوَانِ بِالْحَيَوَانِ نَسَاءً فَعَلَى هَذَا يَجُوزُ أَنْ يُسَلِّمَ بَعِيرًا فِي بَعِيرَيْنِ وَأَكْثَرَ. وَقَوْلُهُ أُرِيدَ بِهِمَا الذَّبْحُ أَوْ لَمْ يُرَدْ إِنَّمَا عَنَى بِهِ مَالِكًا حَيْثُ مَنَعَ مِنْ بَيْعِ بِعِيرٍ بِبَعِيرَيْنِ أَوْ بِعِيرٍ إِذَا أُرِيدَ بِهِمَا الذَّبْحُ أَوْ بِأَحَدِهِمَا، وَالْمُرَادُ لِلذَّبْحِ أَنْ يَكُونَ كَسِيرًا أَوْ حَطِيمًا. اسْتِدْلَالًا بِأَنَّ مَا لَا يَصْلُحُ إِلَّا لِلذَّبْحِ يَجْرِي فِي الْحُكْمِ مَجْرَى اللَّحْمِ، وَبَيْعُ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ لَا يَجُوزُ.

وَالدَّلَالَةُ عَلَى خَطَأِ هَذَا الْقَوْلِ وَجَوَازِ هَذَا الْبَيْعِ مَعَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ عُمُومِ الظَّوَاهِرِ الدَّالَّةِ أَنَّ كُلَّ حَيَوَانٍ جَازَ بَيْعُ بَعْضِهِ ببعض صحيحا، جاز بعضه كَسْرًا كَالْعَبْدِ الصَّحِيحِ بِالْعَبْدِ الزَّمِنِ. وَلِأَنَّهُ حَيَوَانٌ فَجَازَ بَيْعُ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ كَالصَّحِيحِ. وَلِأَنَّ كَسِيرَ الْحَيَوَانِ فِي حُكْمِ الصَّحِيحِ فِي تَحْرِيمِ أَكْلِهِ حَتَّى يُسْتَبَاحَ بِالزَّكَاةِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ كَالصَّحِيحِ فِي جَوَازِ بَيْعِهِ. وَبِهَذَا يَنْكَسِرُ مَا اسْتَدَلَّ بِهِ.

وَأَمَّا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ: وَرِطْل نُحَاسٍ بِرِطْلَيْنِ وَعَرْض بِعَرْضَيْنِ. فَلِأَنَّ مَا لَا رِبَا فِيهِ يَجُوزُ فِيهِ التَّفَاضُلُ وَالنَّسَاءُ مَعًا.

وَقَوْلُهُ: إِذَا دَفَعَ الْعَاجِلَ وَوَصَفَ الْآجِلَ فَلِأَنَّ السَّلَمَ لَا يصح إلا بهذين الشرطين.

[مسألة:]

قال الشافعي رحمه الله تعالى: " وَمَا أُكِلَ أَوْ شُرِبَ ممَا لَا يُكَالُ وَلَا يُوزَنُ فَلَا يُبَاعُ مِنْهُ يَابِسٌ بِرَطْبٍ قِيَاسًا عِنْدِي عَلَى مَا يُكَالُ وَيُوزَنُ مِمَّا يُؤْكَلُ أَوْ يُشْرَبُ وَمَا يَبْقَى وَيُدَّخَرُ أَوْ لَا يَبْقَى وَلَا يُدَّخَرُ وَكَانَ أَوْلَى بِنَا مِنْ أَنْ نَقِيسَهُ بِمَا يُبَاعُ عَددا مِنْ غير المأكول من الثياب والخشب وغيرها ولا يصلح على قياس هذا القول رمانة برمانتين عدا ولا وزنا ولا سفرجلة بسفرجلتين ولا بطيخة ببطيختين ونحو ذلك ويباع جنس منه بجنس من غيره متفاضلا وجزافا يدا بيد ولا بأس برمانة بسفرجلتين كما لا بأس بمد حنطة بمدين من تمر ونحو ذلك ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: اعْلَمْ أَنَّ الْمَأْكُولَاتِ كُلَّهَا ضَرْبَانِ. ضَرْبٌ اسْتَقَرَّ فِي الْعُرْفِ كَيْلُهُ أَوْ وَزْنُهُ فَهَذَا فِيهِ الرِّبَا عَلَى قَوْلِهِ فِي الْقَدِيمِ والجديد معا.

وضرب استقر في الْعُرْفِ أَنَّهُ غَيْرُ مَكِيلٍ وَلَا مَوْزُونٍ كَالرُّمَّانِ وَالسَّفَرْجَلِ، وَالْبَطِّيخِ، وَالْقِثَّاءِ وَالْبُقُولِ، فَعَلَى قَوْلِهِ فِي الْقَدِيمِ: لَا رِبَا فِيهِ وَيَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ مُتَفَاضِلًا وَمُتَمَاثِلًا، رَطْبًا وَيَابِسًا، عَاجِلًا وَآجِلًا وَعَلَى قَوْلِهِ فِي الْجَدِيدِ فِيهِ الرِّبَا. فَعَلَى هَذَا يَمْنَعُ مِنَ التَّفَاضُلِ وَالنَّسَاءِ فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ مِنْهُ.

ثُمَّ لَا يَخْلُو حَالُ مَا كَانَ رَطْبًا مِنَ الْمَأْكُولَاتِ مِنَ الْفَوَاكِهِ وَالْبُقُولِ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>