للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَلَا تَرَى أَنَّ الثَّمَرَةَ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا يَجُوزُ بَيْعُهَا تَبَعًا لِنَخْلِهَا، وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهَا مُفْرَدًا وَقَدْ أَجْمَعُوا أَنَّهَا تَأْخُذُ مِنَ الثَّمَنِ قِسْطًا.

وَكَذَلِكَ أَسَاسُ الدَّارِ يَجُوزُ بَيْعُهُ تَبَعًا لِلدَّارِ وَإِنْ لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ مُفْرَدًا، وَقَدِ اتَّفَقُوا أَنَّهُ يَأْخُذُ مِنَ الثَّمَنِ قِسْطًا كَذَلِكَ اللَّبَنُ فِي الضَّرْعِ.

فَأَمَّا إِلْحَاقُهُ بِالْحَمْلِ فَلِلشَّافِعِيِّ فِي الْحَمْلِ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ يَأْخُذُ قِسْطًا مِنَ الثَّمَنِ فَعَلَى هَذَا يَسْقُطُ السُّؤَالُ.

وَالثَّانِي: يَكُونُ تَبَعًا.

وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا: مَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ: أَنَّ اللَّبَنَ فِي الضَّرْعِ كَالْجَوْزِ وَاللَّوْزِ الْمَبِيعِ فِي قُشُورِهِ يَسْتَخْرِجُهُ صَاحِبُهُ إِذَا شَاءَ، وَلَيْسَ كَالدَّرِّ لَا يُقْدَرُ عَلَى اسْتِخْرَاجِهِ. يَعْنِي: أَنَّ اللَّبَنَ فِي الضَّرْعِ مَقْدُورٌ عَلَيْهِ، وَالْحَمْلَ غَيْرُ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ.

فَصْلٌ:

فَأَمَّا بَيْعُ شَاةٍ فِي ضَرْعِهَا لَبَنٌ بِشَاةٍ فِي ضَرْعِهَا لَبَنٌ فَبَاطِلٌ أَيْضًا لِمَا ذَكَرْنَا.

وَقَالَ أَبُو الطَّيِّبِ بْنُ سَلَمَةَ: يَجُوزُ لِأَنَّهُ لَمَّا جَازَ بَيْعُ السِّمْسِمِ بِالسِّمْسِمِ وَإِنْ كَانَ فِيهِمَا دُهْنٌ غَيْرُ ظَاهِرٍ، كذا يجوز بَيْعُ شَاةٍ بِشَاةٍ وَإِنْ كَانَ فِيهِمَا لَبَنٌ غَيْرُ ظَاهِرٍ. وَهَذَا خَطَأٌ؛ لِأَنَّ الشَّاةَ وَاللَّبَنَ جَمِيعًا مَقْصُودَانِ بِالْعَقْدِ عَلَى مَا بَيَّنَّا، وَلَيْسَ كَالدُّهْنِ فِي السِّمْسِمِ. لِأَنَّ دُهْنَ السِّمْسِمِ لَا يَمْتَازُ عَنْ كُسْبِهِ فَيَصِيرَانِ مَقْصُودَيْنِ، وَإِنَّمَا الدُّهْنُ تَبَعٌ فَلَمْ يَكُنْ بِهِ مُعْتَبَرًا وَجَرَى بَيْعُ الشَّاةِ الَّتِي فِي ضَرْعِهَا لَبَنٌ بِشَاةٍ فِي ضَرْعِهَا لَبَنٌ مَجْرَى بَيْعِ نَخْلَةٍ فِيهَا رُطَبٌ بنخلة فيها رطب، لما لَمْ يَجُزْ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ النَّخْلِ وَالرُّطَبِ مَقْصُودٌ، لَمْ يَجُزْ فِي مَسْأَلَتِنَا؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الشَّاةِ وَاللَّبَنِ مَقْصُودٌ.

فَصْلٌ:

فَأَمَّا بَيْعُ شَاةٍ فِي ضَرْعِهَا لَبَنٌ بِشَاةٍ لَبُونٍ لَيْسَ فِي ضَرْعِهَا لَبَنٌ فَجَائِزٌ لِعَدَمِ الرِّبَا، كَمَا يَجُوزُ بَيْعُ نَخْلَةٍ فِيهَا رُطَبٌ بِنَخْلَةٍ لَيْسَ فِيهَا رُطَبٌ، وَلَكِنْ لَوْ بَاعَ شَاةً فِي ضَرْعِهَا لَبَنٌ بِشَاةٍ مَذْبُوحَةٍ لَيْسَ فِي ضَرْعِهَا لَبَنٌ لَمْ يَجُزْ، لَا مِنْ جِهَةِ الرِّبَا وَلَكِنْ مِنْ حَيْثُ أَنَّ بَيْعَ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ لَا يَجُوزُ.

فَأَمَّا إِذَا بَاعَ شَاةً فِي ضَرْعِهَا لَبَنٌ بِبَقَرَةٍ فِي ضَرْعِهَا لَبَنٌ فَفِيهِ قَوْلَانِ.

أَحَدُهُمَا: بَاطِلٌ إِذَا قِيلَ إِنَّ الْأَلْبَانَ جِنْسٌ وَاحِدٌ.

وَالثَّانِي: يَجُوزُ إِذَا قِيلَ إِنَّ الْأَلْبَانَ أَجْنَاسٌ.

وَإِذَا كَانَ بَيْعُ الشَّاةِ الَّتِي فِي ضَرْعِهَا لَبَنٌ لَا يَجُوزُ بِاللَّبَنِ لَمْ يَجُزْ أَيْضًا بِالزُّبْدِ وَلَا بِالسَّمْنِ وَلَا بِالْمَصْلِ وَلَا بِالْأَقِطِ كَمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُ اللَّبَنِ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ.

فَصْلٌ:

فَأَمَّا إِذَا بَاعَ دَجَاجَةً فِيهَا بَيْضٌ بِبَيْضٍ فَعَلَى قَوْلَيْنِ مُخْرِجَيْنِ مِنِ اخْتِلَافِ قَوْلَيْهِ فِي الْحَمْلِ. هَلْ يَكُونُ تَبَعًا أَوْ يُأْخَذُ قسطا من الثَّمَنِ، لِأَنَّ الْبَيْضَ كَالْحَمْلِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>