للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَدُهَا: أَنْ يَقْتَسِمَاهُ كَيْلًا لِأَنَّ الْحِنْطَةَ الْأَصْلُ فِيهَا الْكَيْلُ وَإِنِ اقْتَسَمَاهُ وَزْنًا لَمْ يَجُزْ إِلَّا أَنْ يَكُونَ جِنْسًا أَصِلُهُ الْوَزْنُ، فَإِنِ اقْتَسَمَاهُ كَيْلًا لَمْ يَجُزْ.

وَإِذَا كَانَتِ الصُّبْرَةُ بينهما نصفين أخذ هذا قفيزا وأخذ صاحب الثلث قَفِيزًا.

وَإِنْ كَانَتْ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا أَخَذَ صَاحِبُ الثُّلُثَيْنِ قَفِيزَيْنِ وَأَخَذَ صَاحِبُ الثُّلُثِ قَفِيزًا.

وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَسْتَوْفِيَ جَمِيعَ حِصَّتِهِ مِنَ الصُّبْرَةِ ثُمَّ يَكْتَالُ الْآخَرُ مَا بَقِيَ لِجَوَازِ أَنْ يَتْلِفَ الْبَاقِي قَبْلَ أَنْ يَكْتَالَهُ الشَّرِيكُ الْآخَرُ.

وَلِأَنَّهُمَا قَدِ اسْتَوَيَا فِي الْمِلْكِ فَوَجَبَ أَنْ يَسْتَوِيَا فِي الْقَبْضِ.

فَإِنِ اتَّفَقَا عَلَى الْمُبْتَدِئِ مِنْهُمَا بِأَخْذِ الْقَفِيزِ الْأَوَّلِ وَإِلَّا أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا فِي أَخْذِهِ، وَيَكُونُ اسْتِقْرَارُ مِلْكُ الْأَوَّلِ عَلَى مَا أَخَذَهُ مَوْقُوفًا عَلَى أَنْ يَأْخُذَ الْآخَرُ مِثْلَهُ.

فَلَوْ أَخَذَ الْأَوَّلُ قَفِيزًا فَهَلَكَتِ الصُّبْرَةُ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَ الثَّانِي مِثْلَهُ لَمْ يَسْتَقِرَّ مِلْكُ الْأَوَّلِ عَلَى الْقَفِيزِ، وَكَانَ الثَّانِي شَرِيكًا لَهُ فِيهِ، لِيَمْلِكَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْقِسْمَةِ مِثْلَ مَا مَلَكَهُ صَاحِبُهُ، فَهَذَا أَحَدُ الشُّرُوطِ وَفُرُوعُهُ.

وَالشَّرْطُ الثَّانِي: أَنْ يَتَسَاوَيَا فِي قَبْضِ حُقُوقِهِمَا مِنْ غَيْرِ تَفَاضُلٍ، وَإِذَا كَانَتِ الصُّبْرَةُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَزْدَادَ أَحَدُهُمَا عَلَى أَخْذِ النِّصْفِ شَيْئًا وَلَا أَنْ يَنْقُصَ مِنْهُ شَيْئًا؛ لِأَنَّهُ إِنِ ازْدَادَ أَوْ نَقَصَ صَارَ بَائِعًا لِلطَّعَامِ بِالطَّعَامِ مُتَفَاضِلًا وَذَلِكَ حَرَامٌ.

وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ أَحَدُهُمَا نِصْفَ الصُّبْرَةِ وَثَوْبًا أَوْ يَأْخُذَ الْآخَرُ نِصْفَهَا وَيُعْطِي ثَوْبًا لِحُصُولِ التَّفَاضُلِ فِيهِ.

فَإِنْ كَانَتِ الصُّبْرَةُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا اقْتَسَمَاهَا كَذَلِكَ، فَأَخَذَ صَاحِبُ الثلثين ثلثي الصبر مِنْ غَيْرِ أَنْ يَزْدَادَ شَيْئًا أَوْ يَنْقُصَ.

فَإِنْ قِيلَ فَهَذَا يُوقِعُ تُفَاضُلًا فِي بَيْعِ الطَّعَامِ بِالطَّعَامِ. قِيلَ: التَّسَاوِي بَيْنَهُمَا مُعْتَبَرٌ بِقَدْرِ الْحَقِّ لَا بِالتَّمَاثُلِ فِي الْقَدْرِ.

فَإِذَا أَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَدْرَ حَقِّهِ فَقَدْ تَسَاوَيَا وَإِنْ كَانَتِ الْحُقُوقُ مُتَفَاضِلَةً بِخِلَافِ الْبَيْعِ الْمُبْتَدَأِ.

وَالشَّرْطُ الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَوْ وَكِيلُهُ قَابِضًا وَمُقْبِضًا، لِأَنَّ لَهُ حَقًّا وَعَلَيْهِ حَقًّا. فَلَهُ قَبْضُ حَقِّهِ وَعَلَيْهِ إِقْبَاضُ حَقِّ شَرِيكِهِ، فَإِنْ قَبَضَ عَنْ نَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ إِقْبَاضِ الشَّرِيكِ حَقَّهُ لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ أَقْبَضَ شَرِيكَهُ حَقَّهُ مِنْ غَيْرِ قَبْضِ حَقِّ نَفْسِهِ لَمْ يَجُزْ، لِأَنَّهَا مُنَاقَلَةٌ بَيْنَ مُتَعَاوِضَيْنِ فَلَزِمَ فِيهَا الْقَبْضُ وَالْإِقْبَاضُ مَعًا.

فَلَوْ أَذِنَ أَحَدُهُمَا لِشَرِيكِهِ فِي الْقَبْضِ لَهُ وَالْإِقْبَاضِ عَنْهُ لَمْ يَجُزْ، لِأَنَّهُ يَصِيرُ قَابِضًا مِنْ نَفْسِهِ ومقبضا عنها.

<<  <  ج: ص:  >  >>