للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ ثَمَرَةِ الْحَائِطِ يُبَاعُ أَصْلُهُ مِنْ كَثْبٍ

مَسْأَلَةٌ:

قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: " أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " مَنْ بَاعَ نَخْلًا بَعْدَ أَنْ يُؤَبَّرَ فَثَمَرَتُهَا لِلْبَائِعِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ " (قَالَ الشَّافِعِيُّ) فَإِذَا جَعَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الإبار حدا لملك البائع فقد جعل ما قَبْلَهُ حَدًا لِمِلْكِ الْمُشْتَرِي ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ إِذَا ابْتَاعَ أَرْضًا ذَاتَ نَخْلٍ مُثْمِرٍ أَوِ ابْتَاعَ نَخْلًا فَالْحُكْمُ فِيهِمَا سَوَاءٌ.

وَقَدْ دَخَلَ فِي الْبَيْعِ مَا اتَّصَلَ بِالنَّخْلِ من سعف وليف.

فأما الثمرة فلا يخلوا حَالُهَا فِي الْعَقْدِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْوَالٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَشْتَرِطَا دُخُولَهَا فِي الْبَيْعِ فَدَخَلَ فِيهِ اتِّفَاقًا مُؤَبَّرَةً كَانَتْ أَوْ غَيْرَ مُؤَبَّرَةٍ.

وَالْحَالَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَشْتَرِطَا خُرُوجَهَا مِنَ الْبَيْعِ فَتَكُونُ خَارِجَةً مِنْهُ اتِّفَاقًا مُؤَبَّرَةً أَوْ غَيْرَ مُؤَبَّرَةٍ لَكِنْ إِنْ كَانَتْ مُؤَبَّرَةً لَمْ يَلْزَمِ اشْتِرَاطُ قَطْعِهَا لِأَنَّهَا خَارِجَةٌ بِالْعَقْدِ وَالشَّرْطُ تَأْكِيدٌ، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مُؤَبَّرَةٍ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الصَّرْفِ: لَمْ يَجُزْ إِخْرَاجُهَا مِنَ الْعَقْدِ إِلَّا بِاشْتِرَاطِ الْقَطْعِ لِأَنَّهَا تَخْرُجُ مِنَ الْعَقْدِ بِالشَّرْطِ فَاعْتُبِرَ فِيهِ حُكْمُ مَا اسْتُوْفَى عَلَيْهِ الْعَقْدَ مِنَ اشْتِرَاطِ الْقَطْعِ.

وَالْحَالَةُ الثَّالِثَةُ: أَنَّهَا وَإِنْ كانت مؤبرة فهي داخلة في البيع.

واستدل أبو حنيفة عَلَى أَنَّ غَيْرَ الْمُؤَبَّرَةِ لَا تَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ بِأَنَّهَا مِمَّا يَصِحُّ إِفْرَادُهُ بِالْعَقْدِ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ تَبَعًا لِأَصْلِهِ فِي الْبَيْعِ كَالْمُؤَبَّرَةِ. قَالَ: وَلِأَنَّهُ عَقْدٌ لَا يَتْبَعُهُ الثَّمَرَةُ الْمُؤَبَّرَةُ فَوَجَبَ أَلَّا يَتْبَعَهُ الثَّمَرَةُ غَيْرُ الْمُؤَبَّرَةِ كالرهن.

قال: وَلِأَنَّ الثَّمَرَةَ نَمَاءٌ كَالزَّرْعِ فَلَمَّا حَالَ الزَّرْعُ فِي كَوْنِهِ بَذْرًا وَظُهُورِهِ بَقْلًا فِي أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ تَبَعًا لِلْأَرْضِ وَجَبَ أَنْ يَسْتَوِيَ حَالُ الثَّمَرَةِ فِي كَوْنِهَا فِي الطلع وظهورها مؤبرة

<<  <  ج: ص:  >  >>