للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَحَدُهُمَا: قَدْ بَطَلَ لِتَلَفِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ كَالْمَوْتِ وَلِلْبَائِعِ مُطَالَبَةُ الْقَاتِلِ بِقِيمَتِهِ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ الْبَيْعَ لَا يَبْطُلُ لِأَنَّهُ قَدِ انْتَقَلَ بِالْجِنَايَةِ إِلَى بَلَدٍ بِخِلَافِ الْمَوْتِ، لَكِنْ يَكُونُ الْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ فَإِنْ فَسَخَ كَانَ الْبَائِعُ هُوَ الْمُطَالِبُ لِلْقَاتِلِ بِالْقِيمَةِ لِعَوْدِهِ إِلَى مِلْكِهِ وَإِنْ أَقَامَ عَلَى الْبَيْعِ كَانَ الْمُشْتَرِي هُوَ الْمُطَالِبُ لِلْقَاتِلِ بالقيمة لاستقراره في ملكه فإن كان القتل هُوَ الْبَائِعُ فَعَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدِهِمَا: أَنَّ جِنَايَتَهُ لِحَادِثٍ مِنْ سَمَاءٍ فَعَلَى هَذَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ كَمَا لَوْ مَاتَ.

وَالثَّانِي: أَنَّهَا كَجِنَايَةِ الْآدَمِيِّ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ فِي بُطْلَانِ الْبَيْعِ قَوْلَانِ عَلَى مَا مَضَى.

فَصْلٌ:

فَلَوِ اشْتَرَكَ الْمُشْتَرِي وَالْبَائِعُ فِي قَتْلِهِ لَزِمَ الْبَيْعُ فِي نِصْفِهِ وَهُوَ مَا قَابَلَ جِنَايَةَ الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ كَالْقَابِضِ لَهُ بِجِنَايَتِهِ، فَأَمَّا الْبَيْعُ فِي النِّصْفِ الثَّانِي الْمُقَابِلِ لِجِنَايَةِ الْبَائِعِ فَإِنْ قِيلَ إِنَّ جِنَايَتَهُ كَآفَةٍ مِنْ سَمَاءٍ بَطَلَ الْبَيْعُ فِيهِ وَرَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ وَلَا خِيَارَ لَهُ فِي فَسْخِ مَا قَدْ لَزِمَهُ بِجِنَايَتِهِ وَإِنْ تَنَقَّصَتِ الصَّفْقَةُ بِهِ لِفَوَاتِ رَدِّهِ وَإِنْ قِيلَ إِنَّ جِنَايَةَ الْبَائِعِ كَجِنَايَةِ الْأَجْنَبِيِّ فَفِي بُطْلَانِ الْبَيْعِ فِي نِصْفِهِ الثَّانِي قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: قَدْ بَطَلَ عَلَى مَا مَضَى. وَلِلْمُشْتَرِي اسْتِرْجَاعُ نِصْفِ الثَّمَنِ.

وَالثَّانِي: لَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ فِيهِ وَلَكِنْ يَكُونُ الْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ فِي فَسْخِ الْبَيْعِ فِيهِ وَاسْتِرْجَاعِ نِصْفِ الثَّمَنِ أَوْ إِمْضَاءِ الْبَيْعِ فِيهِ وَأَخْذِ نِصْفِ الْقِيمَةِ كَمَا لَوْ كَانَ شَرِيكُ الْمُشْتَرِي أَجْنَبِيًّا.

فَصْلٌ:

وَلَوِ ابْتَاعَ جَارِيَةً بِكْرًا فَوَطِئَهَا فَأَذْهَبَ بِكَارَتَهَا فِي يَدِ الْبَائِعِ ثُمَّ مَاتَتِ الْجَارِيَةُ قَبْلَ الْقَبْضِ بَطَلَ الْبَيْعُ فِيهَا وَوَجَبَ عَلَى الْمُشْتَرِي أَرْشُ بَكَارَتِهَا وَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ مَهْرُهَا لِأَنَّ الْمَهْرَ مِنْ كَسْبِهَا وَالْكَسْبُ لِلْمُشْتَرِي وَأَرْشُ الْبَكَارَةِ لِاسْتِهْلَاكِ مَا زَالَ مِلْكُ المشتري عنه.

[مسألة: حقيقة القبض]

" وَمَنِ ابْتَاعَهُ جُزَافًا فَقَبْضُهُ أَنْ يَنْقُلَهُ مِنْ مَوْضِعِهِ وَقَدْ رَوَى عُمَرُ وَابْنُ عُمَرَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَتَبَايَعُونَ الطَّعَامَ جُزَافًا فَيَبْعَثُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَنْ يَأْمُرُهُمْ بِنَقْلِهِ مِنَ الْمَوْضِعِ الَّذِي ابْتَاعُوهُ فِيهِ إِلَى مَوْضِعٍ غَيْرِهِ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَأَصْلُ هَذَا أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَطْلَقَ ذِكْرَ الْقَبْضِ كَمَا أَطْلَقَ التَّفَرُّقَ فِي الْبَيْعِ وَالْإِحْيَاءَ فِي الْمَوَاتِ، وَالْإِحْرَازَ فِي السَّرِقَةِ، لِاخْتِلَافِهَا وَأَنَّ لِلنَّاسِ عُرْفًا مُعْتَبَرًا فِيهَا وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَالْقَبْضُ يَخْتَلِفُ بِحَسَبِ اخْتِلَافِ الْمَبِيعِ، فَالْمَبِيعُ لَا يَخْلُو حَالُهُ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ: إِمَّا أَنْ يَكُونَ مَنْقُولًا، أَوْ غَيْرَ مَنْقُولٍ، فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَنْقُولٍ كَالْعَقَارِ وَالْأَرْضِينَ فَقَبْضُ ذَلِكَ بِتَخْلِيَةِ الْبَائِعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>