للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ صُورَتُهَا فِي رَجُلٍ أَسْلَمَ إِلَى رَجُلٍ فِي طَعَامٍ إِلَى أَجَلٍ وَأَسْلَمَ إِلَيْهِ غَيْرَهُ فِي طَعَامٍ إِلَى مِثْلِ ذَلِكَ الْأَجَلِ، فَحَلَّ الطَّعَامُ الَّذِي لَهُ وَحَلَّ الطَّعَامُ الَّذِي عَلَيْهِ فَقَالَ: لِمَنْ لَهُ عَلَيْهِ الطَّعَامُ احْضَرْ مَعِي إِلَى مَنْ لِي عَلَيْهِ الطَّعَامُ حَتَّى أَكْتَالَهُ لَكَ مِنْهُ وَأَقْبِضَهُ لَمْ يَجُزْ لِرِوَايَةِ الْحَسَنِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " نهى عن بيع الطعام حتى يجري فيه الصَّاعَانِ " وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ سِيرِينَ مُسْنَدًا عَنْ أَنَسٍ وَمَعْنَى الصَّاعَيْنِ صَاعُ الْبَائِعِ وَصَاعُ الْمُشْتَرِي، وَلِأَنَّهُمَا عَقْدَانِ يَفْتَقِرُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِلَى قَبْضٍ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ الْقَبْضُ الْوَاحِدُ نايبا عن العقدين فعلى هذا يكون القبض نايبا عَمَّا ابْتَاعَهُ وَلَا يَنُوبُ عَمَّا بَاعَهُ حَتَّى يَسْتَأْنِفَ كَيْلَهُ عَلَيْهِ فَإِنْ تَسَلَّمَهُ الْمُشْتَرِي مِنْهُ بِذَلِكَ الْكَيْلِ صَارَ مِنْ ضَمَانِهِ وَإِنْ كَانَ الْقَبْضُ فَاسِدًا فَإِنْ زَادَ الطَّعَامُ بِالْكَيْلِ الثَّانِي كَانَتِ الزِّيَادَةُ لَهُ وَإِنْ نَقَصَ كَانَ النُّقْصَانُ عَلَيْهِ إِنْ جَازَ أَنْ يَكُونَ مِثْلَهُ بَيْنَ الكيلين.

[مسألة: إجراء الكيلين في السلم]

قال الشافعي رحمه الله تعالى: " فَإِنْ قَالَ أَكْتَالُهُ لِنَفْسِي وَخُذْهُ بِالْكَيْلِ الَّذِي حَضَرْتَهُ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ بَاعَ كَيْلًا فَلَا يَبْرَأُ حَتَّى يَكِيلَهُ لِمُشْتَرِيهِ وَيَكُونَ لَهُ زَيَادَتُهُ وَعَلَيْهِ نُقْصَانُهُ وَكَذَا رَوَى الْحَسَنُ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ نَهَى عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ حَتَّى تَجْرِيَ فِيهِ الصِّيعَانُ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَصُورَتُهَا فِي رَجُلٍ لَهُ طَعَامٌ مِنْ سَلَمٍ وَحَلَّ عَلَيْهِ طَعَامٌ مِنْ سَلَمٍ فَقَالَ لِمَنْ لَهُ عَلَيْهِ الطَّعَامُ احْضَرْ مَعِي عِنْدَ مَنْ لِي عَلَيْهِ الطَّعَامُ حَتَّى أَكَتَالَهُ لِنَفْسِي ثُمَّ تَأْخُذُهُ بِذَلِكَ الْكَيْلِ فَفَعَلَ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَأْخُذَهُ بِذَلِكَ الْكَيْلِ حَتَّى يَسْتَأْنِفَ عَلَيْهِ كَيْلَهُ ثَانِيَةً لِأَنَّ ذَلِكَ الْكَيْلَ عَنْ عَقْدٍ أَوَّلٍ، فَلَا بُدَّ مِنَ استيثاق كيل عَنْ عَقْدٍ ثَانٍ فَإِنْ قَبَضَهُ بِذَلِكَ الْكَيْلِ كَانَ قَبْضًا فَاسِدًا، وَيَسْتَأْنِفَانِ كَيْلَهُ فَإِنْ زَادَ فَالزِّيَادَةُ لِمَنْ عَلَيْهِ الطَّعَامُ لَا يَرُدُّهَا عَلَى الْأَوَّلِ إِذَا جَازَ أَنْ يَكُونَ مِثْلُهَا بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ فَإِنْ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ مِثْلُهَا بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ لِكَثْرَتِهَا لَزِمَهُ رَدُّهَا عَلَى الْأَوَّلِ لعلمنا بأنها غَلَطٌ عَلَيْهِ، وَإِنْ نَقَصَ فَالنُّقْصَانُ عَلَيْهِ وَلَا يُرَاجِعُ بِهِ عَلَى الْأَوَّلِ إِذَا كَانَ مِثْلُ النُّقْصَانِ مُحْتَمَلًا، وَإِنْ كَانَ نُقْصَانُهَا لَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِثْلُهُ بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَرْجِعَ بِهِ عَلَى الْأَوَّلِ لِاسْتِيفَاءِ ذَلِكَ مِنْهُ بِالْكَيْلِ فَإِنْ كَانَ الْقَابِضُ الثَّانِي حَاضِرًا لِلْكَيْلِ لَمْ يَقْبَلْ مِنْ هَذَا النُّقْصَانِ الَّذِي لا يحتمله الكيلان وإن كان غايبا قَبِلَ مِنْهُ وَرَجَعَ النُّقْصَانُ، فَإِنِ اتُّهِمَ أُحْلِفَ فَلَوْ كَانَ الطَّعَامُ الَّذِي قَدِ ابْتَاعَهُ صَاعًا وَاحِدًا وَالطَّعَامُ الَّذِي قَدْ بَاعَهُ صَاعًا وَاحِدًا فَاكْتَالَ الصَّاعَ الَّذِي قَدِ ابْتَاعَهُ ثُمَّ سَلَّمَهُ فِي صَاعِهِ مُكَيَّلًا إِلَى مَنْ بَاعَهُ فَفِيهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: لَا يَجُوزُ حَتَّى يُفْرِغَهُ مِنَ الصَّاعِ ثُمَّ يَسْتَأْنِفَ كَيْلَهُ ثَانِيَةً كَمَا اكْتَالَهُ لِنَفْسِهِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَجُوزُ إِذَا سَلَّمَهُ مُكَيَّلًا فِي صَاعِهِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِالْكَيْلِ مَعْرِفَةُ قَدْرِهِ بِالْمِكْيَالِ، فَإِذَا كَانَ فِي الْمِكْيَالِ صَارَ مِقْدَارٌ بِهِ وَلَمْ يَلْزَمْهُ تَفْرِيقُهُ، وَاسْتِئْنَافُ كَيْلِهِ وَهَذَا أصح.

<<  <  ج: ص:  >  >>