للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مَجْهُولًا أَوْ مُفْضِيًّا إِلَى الرِّبَا أَوْ كَانَ مُسْتَعَارًا حَتَّى لَوْ كَانَ مَالُ السَّيِّدِ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ وَقَدِ اشْتَرَاهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ صَحَّ الشِّرَاءُ وَكَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَنْزِعَ الْأَلْفَيْنِ مِنْ يَدِهِ وَيَدْفَعَ إِحْدَاهُمَا فِي ثَمَنِهِ وَيَحْصُلَ لَهُ أَلْفٌ وَعَبْدٌ بِغَيْرِ شَيْءٍ دَفَعَهُ مِنْ مَالِهِ.

وَذَهَبَ أَبُو سَعِيدٍ الْإِصْطَخْرِيُّ إِلَى أَنَّ تَعْلِيلَهُ وَجَوَازَهُ كَوْنُ الْمَالِ تَبَعًا لَهُ فَصَحَّتِ الْجَهَالَةُ فِيهِ وَإِنْ كَانَ مَبِيعًا مَعَهُ كَمَا يَجُوزُ الْبَيْعُ مَعَ الْجَهَالَةِ بِتَوَابِعِ الْمَبِيعِ فِي الْحَمْلِ وَاللَّبَنِ وَحُقُوقِ الدَّارِ وَالْأَرْضِ وَلَوْ أُفْرِدَ بِالْعَقْدِ لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ مَعَ الْجَهَالَةِ بِهِ كَذَا مَالُ الْعَبْدِ يَجُوزُ بَيْعُهُ تَبَعًا لِلْعَبْدِ وَلَوْ كَانَ مَجْهُولًا وَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ مُفْرَدًا حَتَّى يَكُونَ مَعْلُومًا فَأَمَّا الرِّبَا فَلَا يَصِحُّ الْعَقْدُ إِلَّا مَعَ سَلَامَتِهِ مِنْهُ لِأَنَّ الرِّبَا لَا تَصِحُّ إِبَاحَتُهُ فِي الشَّرْعِ تَبَعًا وَتَصِحُّ دُخُولُ الْجَهَالَةِ فِيهَا تَبَعًا، فَعَلَى هَذَا التَّعْلِيلِ يَجُوزُ أَنْ يُشْتَرَطَ مَالُ الْعَبْدِ وَإِنْ كَانَ غَائِبًا أَوْ مَجْهُولًا لِجَوَازِ الْجَهَالَةِ فِي تَوَابِعِ الْعَقْدِ وَلَا يَصِحُّ إِذَا كَانَ مَالُهُ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ أَنْ يَبْتَاعَهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَلَا بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ لِأَجْلِ الرِّبَا الَّذِي لَا يَحِلُّ فِي الْعِتْقِ قَصْدًا ولا تبعا والله أعلم.

[مسألة:]

قال الشافعي رحمه الله تعالى: " وحرام التدليس ولا ينتقض به البيع (قال أبو عبد الله محمد بن عاصم) سمعت المزني يقول هذا غلط عندي فلو كان الثمن محرما بالتدليس كان البيع بالثمن المحرم منتقضا وإذا قال لا ينتقض به البيع فقد ثبت تحليل الثمن غير أنه بالتدليس مأثوم فتفهم فلو كان الثمن محرما وبه وقعت العقدة كان البيع فاسدا أرأيت لو اشتراها بجارية فدلس المشتري بالثمن كما دلس البائع بما باع فهذا إذا حرام بحرام يبطل به البيع فليس كذلك إنما حرم عليه التدليس والبيع في نفسه جائز ولو كان من أحدهما سبب يحرم فليس السبب هو البيع ولو كان هو السبب حرم البيع وفسد الشراء فتفهم ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَإِنَّمَا كَانَ التَّدْلِيسُ حَرَامًا لِرِوَايَةِ الشَّافِعِيِّ عَنْ سُفْيَانُ عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبَى - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: مَرَّ بِرَجُلٍ يَبِيعُ طَعَامًا فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِيهِ فَإِذَا هُوَ طَعَامٌ مَبْلُولٌ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَيْسَ مِنَّا مَنْ غَشَّنَا " وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: لِحِبَّانَ بْنِ مُنْقِذٍ: " لَا خِلَابَةَ فِي الْإِسْلَامِ " أَيْ لَا خَدِيعَةَ.

وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أَنَّهُ قَالَ لَا شَوْبَ وَلَا رَوْبَ " أَيْ لَا غِشَّ وَلَا تَغْلِيطَ فَإِنْ دَلَّسَ فِي بَيْعِهِ كَانَ الْبَيْعُ صَحِيحًا لَا يَبْطُلُ بِتَدْلِيسِهِ. وَقَالَ دَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ الْبَيْعُ بَاطِلٌ بِالتَّدْلِيسِ وهذا

<<  <  ج: ص:  >  >>