للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَحَدُهَا: أَنْ تَكُونَ بِحَالِهَا أَوْ أَزْيَدَ.

وَالثَّانِي: أَنْ تَكُونَ قَدْ تَلِفَتَ.

وَالثَّالِثُ: أَنْ تَكُونَ قَدْ نَقَصَتْ. فَإِنْ كَانَتْ بِحَالِهَا أَوْ أَزَيْدَ قِيمَةً وَجَبَ رَدُّهَا عَلَى الْأَوَّلِ وَيَتَرَاجَعَانِ الثَّمَنَ عَلَى مَا مَضَى. وَإِنْ تَلِفَتْ فَهِيَ عَلَى ظَاهِرِ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ مَضْمُونَةٌ ضَمَانَ غَصْبِ أَكْثَرَ مَا كَانَتْ قِيمَتُهُ مِنْ حِينِ الْقَبْضِ إِلَى حِينِ التَّلَفِ لِأَنَّ مَا حَدَثَ مِنْ نَقْصٍ فَهُوَ مَضْمُونٌ كَضَمَانِ الْأَصْلِ وَمَا حَدَثَ مِنْ زِيَادَةٍ فَهُوَ تَابِعٌ لِلْأَصْلِ.

وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا هُوَ مَضْمُونٌ بِالْقِيمَةِ وَقْتَ التَّلَفِ وَلَا اعْتِبَارَ بِمَا قَبْلَهُ بِخِلَافِ الْغَصْبِ لِأَنَّ فِي الْغَصْبِ عُدْوَانًا يَتَغَلَّظُ بِهِ الضَّمَانُ وَالْأَوَّلُ لِمَا ذَكَرْنَاهُ أَصَحُّ. وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَسَوَاءً كَانَتِ الْقِيمَةُ أَقَلَّ مِنَ الثَّمَنِ الْمَذْكُورِ فِي الْعَقْدِ أَوْ أَكْثَرَ. وَحُكِيَ عَنْ أبي حنيفة أَنَّ عَلَيْهِ أَقَلَّ الْأَمْرَيْنِ مِنَ الْقِيمَةِ وَالثَّمَنِ لِأَنَّ الْقَيِمَةَ إِذَا زَادَتْ عَلَى الثَّمَنِ فَرَضِيَ الْبَائِعُ بِالثَّمَنِ سَقَطَ حَقُّهُ مِنَ الزِّيَادَةِ عَلَيْهِ. وَهَذَا خَطَأٌ لِأَنَّ الْعَقْدَ إِذَا فَسَدَ بَطَلَ اعْتِبَارُ مَا تَضَمَّنَهُ مِنَ الثَّمَنِ لِأَنَّهُ مَنُوطٌ بِعَقْدٍ سَقَطَ حُكْمُهُ وَلَوْ جَازَ أَنْ يُعْتَبَرَ الثَّمَنُ إِذَا نَقَصَ عَنِ الْقِيمَةِ نَظَرًا لِلْمُشْتَرِي لَجَازَ أَنْ يُعْتَبَرَ الثَّمَنُ إِذَا زَادَ عَلَى الْقِيمَةِ نَظَرًا لِلْبَائِعِ. فَإِذَا ثَبَتَ هَذَا فَلَا يَخْلُو حَالُ قِيمَتِهَا مِنْ ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ تَسْتَوِيَ قِيمَتُهَا فِي يَدِ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ وَالْمُشْتَرِي الثَّانِي فَيَقْبِضَهَا الْأَوَّلُ وَقِيمَتُهَا أَلْفُ دِرْهَمٍ وَيَقْبِضَهَا الثَّانِي مِنَ الْأَوَّلِ وَقِيمَتُهَا أَلْفُ دِرْهَمٍ ثُمَّ تَمُوتُ فِي يَدِهِ فَيَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ضَامِنًا لِجَمِيعِ الْأَلْفِ بِحَقِّ يَدِهِ وَالْمَالِكُ بِالْخِيَارِ فِي أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْأَوَّلِ أَوْ عَلَى الثَّانِي فَإِنْ رَجَعَ بِهَا عَلَى الْأَوَّلِ رَجَعَ الْأَوَّلُ بِهَا عَلَى الثَّانِي وَإِنْ رَجَعَ بِهَا عَلَى الثَّانِي لَمْ يَرْجِعِ الثَّانِي بِهَا عَلَى الْأَوَّلِ.

وَالْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ تَكُونَ قِيمَتُهَا فِي يَدِ الْأَوَّلِ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا فِي يَدِ الثَّانِي كأن قبضها الأول وَقِيمَتُهَا أَلْفَانِ فَنَقَصَتْ فِي يَدِهِ حَتَّى صَارَتْ قِيمَتُهَا أَلْفًا ثُمَّ قَبَضَهَا الثَّانِي وَمَاتَتْ فِي يَدِهِ فَيَكُونُ الْأَوَّلُ ضَامِنًا لِأَلْفَيْنِ وَالثَّانِي ضَامِنًا لِأَلْفٍ وَاحِدٍ وَالْمَالِكُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْأَوَّلِ أَوْ عَلَى الثَّانِي فَإِنْ رَجَعَ عَلَى الْأَوَّلِ رَجَعَ عَلَيْهِ بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ وَيَرْجِعُ الْأَوَّلُ عَلَى الثَّانِي بِأَلْفٍ مِنْهَا وَإِنْ رَجَعَ عَلَى الثَّانِي رَجَعَ عَلَيْهِ بِأَلْفٍ وَاحِدٍ وَهُوَ قَدْرُ قِيمَتِهَا حِينَ قَبَضَهَا لِأَنَّ مَا نَقَصَ قَبْلَ قَبْضِهِ لَا يَضْمَنُهُ ثُمَّ يَرْجِعُ عَلَى الأول بالألف الثاني وهو قدر القبض فِي يَدِهِ، وَلَيْسَ لِلْأَوَّلِ أَنْ يَرْجِعَ بِهَذَا الْأَلْفِ عَلَى الثَّانِي لِأَنَّهُ لَمْ يَضْمَنْهَا وَلَا لِلثَّانِي أَنْ يَرْجِعَ بِالْأَلْفِ الَّتِي غَرَّمَهَا عَلَى الْأَوَّلِ لِأَنَّ الثَّانِي قَدِ اسْتَهْلَكَهَا.

وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ تَكُونَ قِيمَتُهَا فِي يَدِ الْأَوَّلِ أَقَلَّ وفي يد الثاني أكثر كأن قبضها الأول وَقِيمَتُهَا أَلْفٌ وَسَلَّمَهَا إِلَى الثَّانِي فَزَادَتْ قِيمَتُهَا فِي يَدِهِ حَتَّى صَارَتْ أَلْفَيْنِ ثُمَّ مَاتَتْ فَيَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي ضَامِنًا لِأَلْفَيْنِ أَمَّا الثَّانِي فَلِوُجُودِ هَذِهِ الْقِيمَةِ مَضْمُونَةٌ فِي يَدِهِ وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّهُ أَصْلٌ لِلثَّانِي وَضَامِنٌ لِمَا خَرَجَ عَنْ يَدِهِ إِلَى غَيْرِ مَالِكِهِ وَيَكُونُ الْمَالِكُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ مُطَالَبَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>