للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إِنَّمَا يَكْفِيكِ أَنْ تَحْثِي عَلَيْهِ ثَلَاثَ حثياتٍ من ماءٍ ثم تفيضي عليك الماء (قال) وأحب أن يغلغل الماء في أصول الشعر وكما وصل الماء إلى شعرها وبشرها أجزأها ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ: غُسْلُ الْمَرْأَةِ مِنْ جَنَابَتِهَا كَغُسْلِ الرَّجُلِ سَوَاءٌ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فَرْضٌ وَسُنَّةٌ إِلَّا أَنَّهَا تَزِيدُ فِي تَفَقُّدِ بَدَنِهَا وَتَعَاهُدِ جَسَدِهَا لِمَا تَخْتَصُّ بِهِ غَالِبًا مِنَ الْعُكَنِ وَالْمَغَابِنِ الَّتِي يَعْدِلُ الْمَاءُ عَنْهَا فَإِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا فَعَلَيْهَا إِيصَالُ الْمَاءِ إِلَى فَرْجِهَا؛ لِأَنَّهُ قَدْ صَارَ بِزَوَالِ الْبَكَارَةِ فِي حُكْمِ الْبَشَرَةِ الظَّاهِرَةِ، وَقَدْ شَبَّهَهُ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِمَا بَيْنَ الْأَصَابِعِ، وَإِنْ كَانَتْ بِكْرًا فَلَيْسَ عَلَيْهَا إِيصَالُ الْمَاءِ إِلَى فَرْجِهَا؛ لِأَنَّهُ بَشَرَةٌ ظَاهِرَةٌ، وَعَلَيْهَا إِيصَالُ الْمَاءِ إِلَى تَكَاسِيرِ عُكَنِهَا وَغُضُونِ وَجْهِهَا وَدَاخِلِ سُرَّتِهَا، وَكَذَا الرَّجُلُ إِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَأَمَّا شَعَرُ رَأْسِهَا، فَإِنْ كَانَ مَحْلُولًا أَوَصَلَتِ الْمَاءَ إِلَى جَمِيعِهِ مِنْ أُصُولِ مَنَابِتِهِ إِلَى مَا اسْتَرْسَلَ عنه لا يجزأه الِاقْتِصَارُ عَلَى أُصُولٍ ثَابِتَةٍ دُونَ الْمُسْتَرْسِلِ وَلَا عَلَى الْمُسْتَرْسِلِ دُونَ أُصُولِ الْمَنَابِتِ حَتَّى يَجْمَعَ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " بُلُّوا الشَعْرَ وَأَنْقُوا الْبَشَرَةَ " وَإِنْ كَانَ شَعْرُهَا مضفوراً لمة أو عقصة فَإِنْ كَانَ فِيهِ طِيبٌ يَمْنَعُ مِنْ وُصُولِ الْمَاءِ إِلَيْهِ فَلَيْسَ عَلَيْهَا حَلٌّ بَلْ تُغَلْغِلُ الْمَاءَ فِي أُصُولِهِ حَتَّى يَصِلَ الْمَاءُ إِلَى مَنَابِتِهِ وَتَفِيضُ عَلَيْهِ حَتَّى يَصِلَ إِلَى مُسْتَرْسِلِهِ.

وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَافِعٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: " سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي امرأةٌ أَشُدُّ ضفر رأسي أفأنقضه لغسل الجنابة؟ فقال: " ألا إِنَّمَا يَكْفِيكِ أَنْ تَحْثِي عَلَيْهِ ثَلَاثَ حثياتٍ مِنْ ماءٍ، ثُمَّ تُفِيضِي عَلَيْكِ الْمَاءَ فَتَطْهُرِي ". أَوْ قَالَ: " فَإِذَا أَنْتِ قَدْ طَهُرْتِ فَإِذَا اسْتَظْهَرَتْ لِنَفْسِهَا فِي حَلِّهِ كَانَ أَوْلَى وَأَحَقَّ قَدْ كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَأْمُرُ النِّسَاءَ بِنَقْضِ شُعُورِهِنَّ لِغُسْلِ الْجَنَابَةِ فَبَلَغَ ذَلِكَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَقَالَتْ: " هَلَّا أَمَرَهُنَّ بِحَلْقِهِ " فَأَنْكَرَتْ عَائِشَةُ وُجُوبَ حَلِّهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ابْنُ عُمَرَ أَمَرَ بِذَلِكَ احْتِيَاطًا لَا وَاجِبًا وَهَكَذَا الرَّجُلُ إِذَا كَانَ ذَا جُمَّةٍ.

(فَصْلٌ)

: فَإِذَا ثَبَتَ مَا ذَكَرْنَا مِنْ وُجُوبِ إِيصَالِ الْمَاءِ فِي الْجَنَابَةِ إِلَى جَمِيعِ الشَّعَرِ فَتَرَكَ الْجُنُبُ شَعَرَةً لَمْ يُصِبْهَا الْمَاءُ لَمِ يُجْزِهِ وَحُكِيَ عن أبي حنيفة يجزئه غسله وَهَذَا خَطَأٌ؛ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " تَحْتَ كُلِّ شعرةٍ جنابةٍ " وَرَوَى عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ عَنْ زَاذَانَ عَنْ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " مَنْ تَرَكَ مَوْضِعَ شعرةٍ مِنْ جَنَابَةٍ لَمْ يَغْسِلْهَا فُعِلَ بِهَا كَذَا وَكَذَا مِنَ النَّارِ ". قَالَ عَلِيٌّ فَمِنْ ثَمَّ عَادَيْتُ رَأْسِي وَكَانَ يَجُزُّ شَعْرَهُ فَلَوْ نَتَفَ الشَّعْرَ الَّتِي لم يغسلها

<<  <  ج: ص:  >  >>