للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ الْبَيْعِ بِالثَّمَنِ الْمَجْهُولِ وَبَيْعِ النجَشِ وَنَحْوِ ذلك

مَسْأَلَةٌ:

قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: " أَخْبَرَنَا الدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نَهَى عَنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ (قَالَ الشَّافِعِيُّ) وهما وجهان أحدهما أن يقول قد بعتك هذا العبد بألف نقدا أو بألفين إلى سنة قد وجب لك بأيهما شئت أنا وشئت أنت فهذا بيع الثمن فهو مجهول. والثاني أن يقول قد بعتك عبدي هذا بألف على أن تبيعني دارك بألف فإذا وجب لك عبدي وجبت لي دارك لأن ما نقص من كل واحد منهما مما باع ازداده فيما اشترى فالبيع في ذلك مفسوخ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا الْحَدِيثُ ثَابِتٌ.

وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُدَ عَنِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَنْ بَاعَ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ فَلَهُ أَوْكَسُهُمَا أَوِ الرِّبَا ".

فَإِذَا ثَبَتَ هَذَانِ الْحَدِيثَانِ فَفِي بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ وَجْهَانِ مُخَرَّجَانِ حَكَاهُمَا الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَحَدُهُمَا: أَنْ يَقُولَ قَدْ بِعْتُكَ دَارِي هَذِهِ بِأَلْفٍ عَلَى أَنْ تَبِيعَنِي عَبْدَكَ هَذَا بِأَلْفٍ إِذَا وَجَبَتْ لَكَ دَارِي وَجَبَ لِي عَبْدُكَ، فَهَذَا بَيْعٌ بَاطِلٌ فِي الْعَقْدَيْنِ مَعًا لِلنَّهْيِ عَنْهُ.

وَلِأَنَّهُ بَيْعٌ وَشَرْطٌ وَقَدْ جَاءَ النَّهْيُ عَنْهُ.

وَلِأَنَّهُ أَلْزَمَهُ مَعَ الثَّمَنِ بَيْعُ مَا لَا يَلْزَمُ فَصَارَ الثَّمَنُ مَجْهُولًا بِبَعْضِ الشَّرْطِ، وَجَهَالَةُ الثَّمَنِ تُبْطِلُ الْبَيْعَ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ يَقُولَ قَدْ بِعْتُكَ دَارِي هَذِهِ بِأَلْفٍ صِحَاحًا أَوْ بِأَلْفَيْنِ غَلَّةً تَأْخُذُهَا بِأَيِّهِمَا شِئْتَ أَنْتَ أَوْ شِئْتُ أَنَا وَيَفْتَرِقَانِ عَلَى هَذَا، أَوْ يَقُولُ بِأَلْفٍ عَاجِلَةٍ وَبِأَلْفَيْنِ آجِلَةٍ فَهَذَا بَيْعٌ بَاطِلٌ.

وَقَالَ مَالِكٌ الْبَيْعُ صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>