للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَحَقِيقَةُ النَّجْشِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ فِي الْبَيْعِ أَنْ يحضر الرجل السوق فيرى السلعة تباع فبمن يَزِيدُ فَيَزِيدُ فِي ثَمَنِهَا وَهُوَ لَا يَرْغَبُ فِي ابْتِيَاعِهَا لِيَقْتَدِيَ بِهِ الرَّاغِبُ فَيَزِيدُ لِزِيَادَتِهِ مِنْهُ أَنَّ تِلْكَ الزِّيَادَةَ لِرُخْصِ السِّلْعَةِ اغْتِرَارًا بِهِ. فَهَذَا خَدِيعَةٌ مُحَرَّمَةٌ. وَقَدْ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الْمَكْرُ وَالْخَدِيعَةُ وَصَاحِبُهُمَا فِي النَّارِ ".

وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا خِلَابَةَ فِي الْإِسْلَامِ ". أَيْ لَا خَدِيعَةَ.

فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ النَّجْشَ حَرَامٌ فَالْبَيْعُ لَا يبطل؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ وَإِنِ اقْتَدَى بِهِ فَقَدْ زَادَ باختياره فإن علم المشتري بحال الناجش من غروره وَأَرَادَ فَسْخَ الْبَيْعِ بِهِ نُظِرَ فِي حَالِ النَّاجِشِ فَإِنْ كَانَ قَدْ نَجَشَ وَزَادَ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ الْبَائِعُ قَدْ نَصَّبَهُ لِلزِّيَادَةِ كَانَ النَّاجِشُ هُوَ الْعَاصِي وَالْبَيْعُ لَازِمٌ لِلْمُشْتَرِي وَلَا خِيَارَ لَهُ فِي فَسْخِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِنَ الْبَائِعِ تَدْلِيسٌ فِي بَيْعِهِ.

وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ قَدْ نَصَّبَ النَّاجِشَ لِلزِّيَادَةِ فَفِي خِيَارِ الْمُشْتَرِي وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: لَهُ الْخِيَارُ لِأَنَّ ذَلِكَ تَدْلِيسٌ مِنَ الْبَائِعِ.

وَالثَّانِي: لَا خِيَارَ لَهُ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ زَادَهَا عن اختياره. والله أعلم.

[مسألة:]

قال الشافعي رحمه الله تعالى: " وقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لا بيع على بيع بعض " (قال الشافعي) : وَبَيَّنَ فِي مَعْنَى نَهْيِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنْ يَبِيعَ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ أَنْ يَتَوَاجَبَا السِّلْعَةَ فَيَكُونَ الْمُشْتَرِي مُغْتَبِطًا أَوْ غَيْرَ نَادِمٍ فيأتيه رجل قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا فَيَعْرِضَ عَلَيْهِ مِثْلَ سِلْعَتِهِ أَوْ خَيْرًا مِنْهَا بِأَقَلَّ مِنَ الثَّمَنِ فَيَفْسَخَ بيع صاحبه بأن له الخيار قبل التفرق فيكون هذا إفسادا وقد عصى الله إذا كان بالحديث عالما والبيع فيه لازم ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ.

وَرَوَى الشَّافِعِيُّ عَنْ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال: " لا يبيع بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ ".

وَرَوَى الشَّافِعِيُّ عَنْ سُفْيَانَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا يَبِعِ الرَّجُلُ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ ".

وَالْمُرَادُ بِهَذَا النَّهْيِ مَا وَصَفَهُ الشَّافِعِيُّ: وَهُوَ أَنْ يَبِيعَ الرَّجُلُ السِّلْعَةَ وَلَا يَفْتَرِقَانِ حَتَّى يَأْتِيَ رَجُلٌ آخَرُ فَيَعْرِضَ عَلَى الْمُشْتَرِي مِثْلَ تِلْكَ السِّلْعَةِ بِأَرْخَصَ مِنْ ثَمَنِهَا، أَوْ يَعْرِضَ عليه

<<  <  ج: ص:  >  >>