للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خَيْرًا مِنْهَا بِمِثْلِ ثَمَنِهَا لِيَفْسَخَ عَلَى الْأَوَّلِ بَيْعَهُ. فَهَذَا هُوَ الْمَقْصُودُ بِالنَّهْيِ وَهُوَ حَرَامٌ لِمَا فِيهِ مِنَ الْفَسَادِ وَالْإِضْرَارِ، فَإِنْ فَعَلَ فَقَدْ عَصَى إِنْ عَلِمَ بِالنَّهْيِ وَبَيْعُهُ مَاضٍ سَوَاءً فَسَخَ الْمُشْتَرِي بَيْعَ الْأَوَّلِ أَوْ لَمْ يفسخ.

هَذَا الْمَعْنَى أَنْ يَشْتَرِيَ الرَّجُلُ عَلَى شِرَاءِ أخيه.

رُويَ - وَإِنْ لَمْ أَجِدْهُ مُسْنَدًا - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نَهَى أَنْ يَشْتَرِيَ الرَّجُلُ عَلَى شِرَاءِ أَخِيهِ.

وَصُورَةُ ذَلِكَ: أَنْ يَشْتَرِيَ الرَّجُلُ سِلْعَةً وَلَا يُفَارِقُ بَائِعَهَا حَتَّى يَأْتِيَ رَجُلٌ وَيَشْتَرِيَهَا مِنْ بَائِعِهَا بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ الثَّمَنِ فَهُوَ أَيْضًا حَرَامٌ لِأَجْلِ النَّهْيِ عَنْهُ إِنْ كَانَ صَحِيحًا، وَلِأَنَّهُ فِي مَعْنَى مَا صَحَّ مِنْ نَهْيِهِ عَنْ بَيْعِ الرَّجُلِ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ، وَلِمَا فِيهِ مِنَ الضَّرَرِ وَالْفَسَادِ بَيْنَ الْمُتَبَايِعَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ.

فَإِنْ فَعَلَ وَاشْتَرَى فَقَدْ أَثِمَ وَعَصَى وَالشِّرَاءُ جَائِزٌ لِأَنَّ فَسْخَ الْبَيْعِ الْأَوَّلِ فِي الْمَجْلِسِ جَائِزٌ.

وَفِي مَعْنَى هَذَيْنِ أَنْ يَشْتَرِيَ الرَّجُلُ سِلْعَةً وَلَا يُفَارِقُ بَائِعَهَا حَتَّى يَأْتِيَ رَجُلٌ يُرْبِحُ الْمُشْتَرِيَ فِي ثَمَنِهَا فَهُوَ أَيْضًا مَكْرُوهٌ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى أَنْ يَفْسَخَ الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي بَيْعَهُ طَمَعًا فِيمَا بُذِلَ لَهُ مِنَ الرِّبْحِ، فَصَارَ فِي مَعْنَى بَيْعِ الرَّجُلِ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ وَشِرَاءِ الرَّجُلِ عَلَى شِرَاءِ أَخِيهِ. وَلَكِنْ لَا بَأْسَ أَنْ يُرْبِحَهُ فِي ثَمَنِهَا بَعْدَ الِافْتِرَاقِ، لِأَنَّ الْبَيْعَ قَدْ لَزِمَ فَلَا يَقْدِرُ الْبَائِعُ عَلَى فَسْخِ الْبَيْعِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَا خِيَارَ الثَّلَاثِ فَيَمْنَعُ هَذَا الرَّاغِبُ مِنْ بَذْلِ الزِّيَادَةِ حَتَّى تَنْقَضِيَ مُدَّةُ الْخِيَارِ. وَاللَّهُ أعلم.

فَصْلٌ:

وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ نَهَى أَنْ يَسُومَ الرَّجُلُ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ.

وَصُورَةُ سَوْمِ الرَّجُلِ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ أَنْ يَبْذُلَ الرَّجُلُ فِي السِّلْعَةِ ثَمَنًا فَيَأْتِي آخَرُ فَيَزِيدُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الثَّمَنِ قَبْلَ أَنْ يَتَوَاجَبَا الْبَيْعَ، فَإِنْ كَانَ هَذَا فِي بَيْعِ الْمُزَايَدَةِ جَازَ لِأَنَّ بَيْعَ الْمُزَايَدَةِ مَوْضُوعٌ لِطَلَبِ الزِّيَادَةِ، وَأَنَّ السَّوْمَ لَا يَمْنَعُ النَّاسَ مِنَ الطَّلَبِ.

وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَاعَ قَدَحًا وَحِلْسًا فِيمَنْ يَزِيدُ، وَابْتَاعَ ثَوْبًا مُزَايَدَةً ".

فَأَمَّا إِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْعَ الْمُزَايَدَةِ وَكَانَ بَيْعَ الْمُنَاجَزَةِ فَلَا يَخْلُو حَالُ بَائِعِ السِّلْعَةِ حِينَ بَذَلَ لَهُ الطَّالِبُ الْأَوَّلُ ذَلِكَ الثَّمَنَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْوَالٍ: إِمَّا أَنْ يَقُولَ قَدْ رَضِيتُ بِهَذَا الثَّمَنِ أَوْ يَقُولَ لَا أَبِيعُ بِهَذَا الثَّمَنِ أَوْ يُمْسِكُ. فَإِنْ قَالَ قَدْ رَضِيتُ بِهَذَا الثَّمَنِ حَرُمَ عَلَى غَيْرِهِ مِنَ النَّاسِ أَنْ يَسُومَ عَلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>