للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ الزِّيَادَةِ فِي السَّلَفِ وَضَبْطِ مَا يُكَالُ وما يوزن

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَأَصْلُ مَا يَلْزَمُ الْمُسَلِّفَ قَبُولُ مَا سَلَّفَ فِيهِ أَنَّهُ يَأْتِيهِ بِهِ مِنْ جِنْسِهِ فَإِنْ كَانَ زَائِدًا يَصْلُحُ لِمَا يَصْلُحُ لَهُ مَا سَلَّفَ فِيهِ أُجْبِرَ عَلَى قَبْضِهِ وَكَانَتِ الزِّيَادَةُ تَطَوُّعًا فَإِنِ اخْتَلَفَ فِي شَيْءٍ مِنْ مَنْفَعَةٍ أَوْ ثَمَنٍ كَانَ لَهُ أَنْ لَا يَقْبَلَهُ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ إِذَا أَسْلَمَ فِي شَيْءٍ مِنْ تَمْرٍ أَوْ غَيْرِهِ فَدَفَعَ إِلَيْهِ مَا قَدْ أَسْلَفَ فِيهِ فَلَا يَخْلُو حَالُهُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ: أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ عَلَى مِثْلِ صِفَاتِهِ الَّتِي شَرَطَهَا فَيَلْزَمُهُ قَبُولُهَا وَلَيْسَ لَهُ الِامْتِنَاعُ مِنْهُ.

وَالْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ نَاقِصًا عَنْ صِفَتِهِ مِثْلَ أَنْ يُسَلِّفَ إليه في تمر جيد حديث فَيُعْطَى تَمْرًا عَتِيقًا أَوْ رَدِيئًا فَلَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهُ لِنَقْصِهِ عَنْ حَقِّهِ.

وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ زَائِدًا فَإِنْ كَانَتِ الزِّيَادَةُ فِي الْقَدْرِ فَإِنْ أُعْطِيَ مَكَانَ صَاعٍ صَاعَيْنِ لَمْ يَلْزَمْهُ قَبُولُ الزِّيَادَةِ لِأَنَّهَا هِبَةٌ لَا يُجْبَرُ عَلَى تَمَلُّكِهَا وَعَلَيْهِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ ذَلِكَ قَدْرَ حَقِّهِ، وَإِنْ كَانَتِ الزِّيَادَةُ فِي الصِّفَةِ مِثْلَ أَنْ يُسَلِّمَ فِي تَمْرٍ عَتِيقٍ فَيُعْطَى تَمْرًا حَدِيثًا أَوْ فِي رَدِيءٍ فَيُعْطَى جَيِّدًا فَعَلَيْهِ قَبُولُ ذَلِكَ بِزِيَادَتِهِ لِاتِّصَالِهَا بِحَقِّهِ.

وَالْقِسْمُ الرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ زَائِدًا مِنْ وَجْهٍ وَنَاقِصًا مِنْ وَجْهٍ، مِثْلَ أَنْ يُسَلِّمَ فِي تَمْرٍ عَتِيقٍ جَيِّدٍ فَيُعْطَى تَمْرًا حَدِيثًا رَدِيئًا فَكَوْنُهُ حَدِيثًا زِيَادَةً وَكَوْنُهُ رَدِيئًا نَقْصًا فَلَا يَلْزَمُهُ قَبُولُ ذَلِكَ لِأَجْلِ النَّقْصِ سَوَاءً كَانَ النَّقْصُ مَجْبُورًا بِالزِّيَادَةِ أَمْ لَا لِأَنَّ النَّقْصَ مُسْتَحَقٌّ وَالزِّيَادَةَ تطوع، وله المطالبة بمثل صفته.

[مسألة:]

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَلَيْسَ لَهُ إِلَّا أَقَلَّ مَا تَقَعُ عَلَيْهِ الصِّفَةُ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ: إِذَا أَسْلَمَ فِي شَيْءٍ عَلَى أَوْصَافٍ فَلَيْسَ لَهُ إِلَّا أَقَلَّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ هَذِهِ الْأَوْصَافِ، فَإِذَا كَانَ قَدْ أَسْلَمَ فِي تَمْرٍ جَيِّدٍ فَإِنْ جَاءَهُ بِتَمْرٍ يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ اسْمُ الْجَيِّدِ لَزِمَهُ قَبُولُهُ، وَلَيْسَ لَهُ مُطَالَبَتُهُ بِمَا هُوَ أَجْوَدُ مِنْهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>