للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ الرَّهْنُ الَّذِي يُعْطِيهِ مِمَّا يَقِلُّ الْخَوْفُ عَلَيْهِ، كَالْأَرَضِينَ وَالْعَقَارَاتِ دُونَ الْعُرُوضِ وَالسِّلَعِ، فَإِذَا أَعْطَاهُ بِذَلِكَ رَهْنًا اعْتُبِرَتْ حَالُ الْبَائِعِ الْمُرْتَهِنِ، فَإِنْ كَانَ ثِقَةً أَمِينًا جَازَ أَنْ يَكُونَ الرَّهْنُ مَوْضُوعًا فِي يَدِهِ. وَإِنْ كَانَ غَيْرَ أَمِينٍ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُوضَعَ الرَّهْنُ عَلَى يَدَيْهِ، خَوْفًا أَنْ يَدَّعِيَ هَلَاكَهُ وَيُطَالِبَ بِدَيْنِهِ، وَوَضَعَ الرَّهْنَ عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ ثِقَةٍ.

(فَصْلٌ)

وَأَمَّا الِاقْتِرَاضُ لَهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ حَاجَةٌ إِلَيْهِ، لَمْ يَجُزْ أَنْ يَقْتَرِضَ لَهُ فَإِنْ فَعَلَ كَانَ ضَمَانُ الْقَرْضِ عَلَيْهِ. وَإِنْ كَانَ مُحْتَاجًا إِلَى الْقَرْضِ إِمَّا لِلْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ، أَوْ لِلْإِنْفَاقِ عَلَى مَالِهِ فِي عمارة ما خرب من ضياعه ومرماه ما استهدم من عقاره وليس ينص شَيْءٌ مِنْ مَالِهِ، جَازَ حِينَئِذٍ أَنْ يَقْتَرِضَ لَهُ حَسَبَ حَاجَتِهِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ.

فَإِنْ أَمْكَنَ أَلَّا يُعْطِيَ عَلَى ذَلِكَ رَهْنًا، لَمْ يَجُزْ أَنْ يَتَطَوَّعَ بِإِعْطَاءِ رَهْنٍ، وَإِنْ لَمْ يمكن الِاقْتِرَاضُ لَهُ إِلَّا بِرَهْنٍ جَازَ أَنْ يُعْطِيَ مِنْ مَالِهِ رَهْنًا لَا يَزِيدُ عَلَى قَدْرِ الْقَرْضِ، وَيُوضَعُ عَلَى يَدَيِ الْمُقْرِضِ إِنْ كَانَ عَدْلًا أَوْ عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ إِنْ لَمْ يَكُنِ الْمُقْرِضُ عَدْلًا، فَإِنْ وَضَعَهُ عَلَى يَدِ الْمُقْرِضِ وَلَيْسَ بِعَدْلٍ كَانَ الْوَلِيُّ ضَامِنًا لَهُ.

(فَصْلٌ)

وَأَمَّا الْمُكَاتَبُ فِي رَهْنِهِ وَارْتِهَانِهِ، فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَرْهَنَ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ كَانَ حُكْمُهُ حُكْمَ وَلِيِّ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْهَنَ شَيْئًا مِنْ مَالِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ، لَا يَخْتَلِفُ أَصْحَابُنَا فِي ذَلِكَ، فَيَكُونُ الْحُكْمُ فِيهِ عَلَى مَا مَضَى سَوَاءٌ.

فَأَمَّا إِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْتَهِنَ شَيْئًا مِنْ مَالِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ عَلَى دَيْنٍ لَهُ فَإِنْ كَانَ دَيْنًا قَدِ اسْتَقَرَّ فِي ذِمَّةِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ بِغَيْرِ رَهْنٍ جَازَ؛ لِأَنَّ فِي أَخْذِ رَهْنٍ عَلَيْهِ زِيَادَةٌ وَثِيقَةٌ فِيهِ.

وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَرْتَهِنَ فِي دَيْنٍ مُسْتَحْدَثٍ فَإِنْ كَانَ قَرْضًا كَانَ وَلِيُّ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ عَلَى مَا مَضَى وَإِنْ كَانَ بَيْعًا فَإِنْ كَانَ نَقْدًا لَمْ يَجُزْ وَكَانَ الْمَبِيعُ نَفْسُهُ رَهْنًا، وَإِنْ كَانَ نَسَاءً فَهَلْ يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَ بِالنَّسَاءِ أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: يَجُوزُ. فَعَلَى هَذَا يَكُونُ كَوَلِيِّ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ فِي أَخْذِ الرَّهْنِ فِيهِ.

وَالثَّانِي: لَا يَجُوزُ فَعَلَى هَذَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ رَهْنًا عَلَيْهِ لِفَسَادِ الْبَيْعِ.

(فَصْلٌ)

وَأَمَّا الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَرْهَنَ شَيْئًا مِمَّا فِي يَدِهِ إِلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ.

فَأَمَّا إِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ رَهْنًا عَلَى ثَمَنٍ مَبِيعٍ، فَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ نَقْدًا لَمْ يَجُزْ أَنْ يُخْرِجَهُ مِنْ يَدِهِ وَيَأْخُذَ رَهْنًا بِهِ.

وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ نَسَاءً لَمْ يَخْلُ حَالُ إِذْنِ السَّيِّدِ لَهُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:

<<  <  ج: ص:  >  >>