للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ: يَجُوزُ لَهُ وَطْؤُهَا؛ لِأَنَّ حَبَلَهَا الْمُفْضِيَ إِلَى إِبْطَالِ رَهْنِهَا مَأْمُونٌ. فَصَارَ الْوَطْءُ كَالِاسْتِخْدَامِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ أَصْحَابِنَا: لَا يَجُوزُ وَطْؤُهَا، لِأَنَّ الْإِيَاسَ مَظْنُونٌ وَحَبَلُ الْمُرَاهِقَةِ غَيْرُ مَأْمُونٍ. فَصَارَ كَالشَّرَابِ لَمَّا كَانَ مَا يُسْكَرُ مِنْهُ غَيْرَ مَحْدُودٍ. وَيَخْتَلِفُ عَلَى حَسَبِ قُوَّةِ الْأَشْرِبَةِ وَاخْتِلَافِ النَّاسِ مُنِعَ مِنْ قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ.

(فَصْلٌ)

وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ وَطْئِهَا عَلَى مَا وَصَفْنَا. فَوَطْؤُهَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَطَأَ دُونَ الْفَرْجِ فَلَا حُكْمَ لَهُ، وَهِيَ بِحَالِهَا رَهْنٌ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَطَأَ فِي الْفَرْجِ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ وَلَا تَعْزِيرَ، لِأَنَّهَا مِلْكُهُ ثُمَّ هُوَ عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يُحْبِلَهَا.

وَالثَّانِي: أَلَّا يُحْبِلَهَا، فَإِنْ لَمْ يُحْبِلْهَا فَلَهَا حَالَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ تَكُونَ بِكْرًا.

وَالثَّانِي: أَنْ تَكُونَ ثَيِّبًا. فَإِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا فَلَا شَيْءَ عَلَى الرَّاهِنِ الْوَاطِئِ مِنْ مَهْرٍ وَلَا غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الْمَهْرَ مِنْ كَسْبِهَا وَكَسْبُهَا لِلرَّاهِنِ غَيْرُ دَاخِلٍ فِي الرَّهْنِ. أَلَا تَرَى أَنَّ أَجْنَبِيًّا لَوْ وَطِئَهَا فَلَزِمَهُ الْمَهْرُ كَانَ مِلْكًا لِلرَّاهِنِ غَيْرَ دَاخِلٍ فِي الرَّهْنِ، فَكَذَلِكَ إِذَا كَانَ الْوَاطِئُ هُوَ الرَّاهِنَ لَمْ تَلْزَمْهُ غَرَامَةُ الْمَهْرِ فِي الرَّهْنِ.

وَإِنْ كَانَتْ بِكْرًا فَعَلَيْهِ أَرْشُ بَكَارَتِهَا وَمَا نَقَصَهَا الِافْتِضَاضُ بِوَطْئِهِ إِيَّاهَا لِيَكُونَ رَهْنًا مَعَهَا أَوْ قِصَاصًا مِنَ الْحَقِّ وَإِنَّمَا لَزِمَهُ أَرْشُ بَكَارَتِهَا وَلَمْ يَلْزَمْهُ مَهْرُهَا؛ لِأَنَّ أَرْشَ الْبَكَارَةِ بَدَلٌ مِنْ إِتْلَافِ عُضْوٍ مِنْهَا وَذَلِكَ دَاخِلٌ فِي الرَّهْنِ غَيْرُ خَارِجٍ مِنْهُ كَمَا لَوْ قَطَعَ يَدَهَا. أَلَا تَرَى أَنَّ أَجْنَبِيًّا لَوْ أَزَالَ بَكَارَتَهَا فَلَزِمَهُ أَرْشُهَا كَانَ الْأَرْشُ دَاخِلًا فِي الرَّهْنِ، فَكَذَلِكَ إِذَا كَانَ مُزِيلَ الْبَكَارَةِ هُوَ الرَّاهِنَ لَزِمَهُ غَرَامَةُ الْأَرْشِ فِي الرَّهْنِ. فَهَذَا حُكْمُ وَطْئِهِ إِذَا لَمْ تَحْبَلْ.

فَأَمَّا إِذَا أَحْبَلَهَا بِوَطْئِهِ فَالْكَلَامُ فِي الْمَهْرِ وَأَرْشِ الْبَكَارَةِ عَلَى مَا مَضَى مِنْ وُجُوبِ الْأَرْشِ وَسُقُوطِ الْمَهْرِ، ثُمَّ هِيَ قَبْلَ وَضْعِ حَمْلِهَا رَهْنٌ بِحَالِهَا لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْحَمْلُ غَلَطًا أَوْ رِيحًا. وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهَا فِي الرَّهْنِ قَبْلَ وَضْعِهَا لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْحَمْلُ صَحِيحًا.

فَإِذَا وَضَعَتْ حَمْلَهَا فَالْوَلَدُ حُرٌّ لَاحِقٌ بِالرَّاهِنِ لِأَنَّهُ مِنْ أَمَتِهِ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ غُرْمُ قِيمَتِهِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مَمْلُوكًا لَكَانَ غَيْرَ دَاخِلٍ فِي الرَّهْنِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>