للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عليه؛ لأن الراهن لاحق لَهُ فِي نَسَبِهِ، فَقَبِلْنَا إِقْرَارَ الْمُرْتَهِنِ بِهِ وَالرَّاهِنُ مَالِكٌ لِرِقِّهِ، فَلَمْ نَقْبَلْ دَعْوَى الْمُرْتَهِنِ فِيهِ لَكِنْ إِنْ مَلَكَهُ الْمُرْتَهِنُ عَتَقَ عَلَيْهِ لِثُبُوتِ نَسَبِهِ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: رَوَاهُ الرَّبِيعُ: أَنَّهَا شُبْهَةٌ لِتَجْوِيزِ مَا ادَّعَاهُ وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ.

فَعَلَى هَذَا إِنْ أَوْلَدَهَا كَانَ وَلَدُهُ حُرًّا لَاحِقًا بِهِ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ. فَإِنْ مَلَكَ الْجَارِيَةَ فِيمَا بَعْدُ صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ بِإِقْرَارِهِ لَا يُخْتَلَفُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ مَعًا، سَوَاءٌ قُلْنَا: إِنَّ مَا ادَّعَاهُ شُبْهَةٌ أَمْ لَا لِأَنَّهُ قَدْ كَانَ مُقِرًّا لَهُ بِأَنَّهَا قَدْ صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ بِإِقْرَارِهِ وَلَا يَخْتَلِفُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ وَإِنْ أَنْكَرَهُ الرَّاهِنُ، فَصَارَ كَمَنِ ادَّعَى أَنَّهُ ابْتَاعَ مِنْ زَيْدٍ عَبْدَهُ وَأَعْتَقَهُ وَأَنْكَرَ زَيْدٌ الْبَيْعَ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ، فَإِنْ مَلَكَ الْمُدَّعِي ذَلِكَ الْعَبْدَ مِنْ بَعْدِ عِتْقٍ عَلَيْهِ بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ إِقْرَارِهِ. كَذَلِكَ إِذَا أَقَرَّ بِأَنَّهَا أُمُّ وَلَدِهِ.

(فَصْلٌ)

وَإِنْ وَطِئَ الْمُرْتَهِنُ الْجَارِيَةَ وَادَّعَى عَلَى الرَّاهِنِ أَنَّهُ زَوَّجَهُ بِهَا وَأَنْكَرَ الرَّاهِنُ ذَلِكَ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاهِنِ مَعَ يَمِينِهِ، وَلَا يَبْطُلُ الرَّهْنُ؛ لِأَنَّ تَزْوِيجَ الْمُرْتَهِنِ بِهَا لَا يُبْطِلُ ارْتِهَانَهَا، وَخَالَفَ دَعْوَاهُ ابْتِيَاعُهَا؛ لِأَنَّ ابْتِيَاعَهَا يُبْطِلُ ارْتِهَانَهَا.

ثُمَّ هَلْ تكون هذه الدعوى شُبْهَةً فِي دَرْءِ الْحَدِّ عَنْهُ أَمْ لَا؟ عَلَى مَا مَضَى مِنَ الْقَوْلَيْنِ. وَعَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ الْوَلَدُ مَمْلُوكٌ لِلرَّاهِنِ، لِأَنَّ الرَّاهِنَ يَدَّعِيهِ مِنْ زِنَا وَالْمُرْتَهِنَ يَدَّعِيهِ مِنْ نِكَاحٍ وَمِنْ أَيِّهِمَا كَانَ فَهُوَ مَمْلُوكٌ لِلرَّاهِنِ وَنَسَبُهُ لَاحِقٌ بالمرتهن، لأن الراهن لاحق لَهُ فِي نَسَبِهِ فَقُبِلَ إِقْرَارُ الْمُرْتَهِنِ بِهِ.

فَإِنْ مَلَكَ الْمُرْتَهِنُ الْجَارِيَةَ لَمْ تَصِرْ لَهُ أُمَّ وَلَدٍ لَا يُخْتَلَفُ؛ لِأَنَّ أَحْسَنَ حَالَيْهِ أَنْ يَكُونَ قَدِ اسْتَوْلَدَهَا بِنِكَاحٍ وَذَلِكَ لَا يَجْعَلُهَا أُمَّ وَلَدٍ لَهُ إِذَا مَلَكَهَا ...

فَحَصَلَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ وَطْءَ الْمُرْتَهِنِ الْجَارِيَةَ الْمَرْهُونَةَ إِذَا حَبِلَتْ مِنْهُ وَلَحِقَ وَلَدُهَا بِهِ عَلَى ثلاثة أقسام:

أحدها: ما تَصِيرُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ.

وَالثَّانِي: مَا لَا تَصِيرُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ.

وَالثَّالِثُ: مَا اخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِيهِ.

فَأَمَّا مَا تَصِيرُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ، فَهُوَ إِذَا ادَّعَى ابْتِيَاعَهَا مِنَ الرَّاهِنِ ثُمَّ مَلَكَهَا صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ.

وَأَمَّا مَا لَا تَصِيرُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ، فَهُوَ إِذَا ادَّعَى تَزْوِيجَهَا مِنَ الرَّاهِنِ ثُمَّ مَلَكَهَا لَمْ تَصِرْ لَهُ أُمَّ وَلَدٍ.

وَأَمَّا مَا اخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِيهِ، فَهُوَ إِذَا ادَّعَى الْجَهَالَةَ ثُمَّ مَلَكَهَا، فَهَلْ تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ أَمْ لَا. عَلَى قَوْلَيْنِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>