للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَإِذَا حَلَفَ الْمُرْتَهِنُ صَارَ الرَّاهِنُ بَائِعًا لِلرَّهْنِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ فَيَكُونُ بَيْعُهُ بَاطِلًا، وَيُسْتَرْجَعُ لِيَكُونَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ رَهْنًا فَإِنْ فَاتَ اسْتِرْجَاعُهُ كَانَ عَلَى الرَّاهِنِ غُرْمُ قِيمَتِهِ تَكُونُ رَهْنًا مَكَانَهُ، أَوْ قِصَاصًا مِنَ الْحَقِّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[(مسألة)]

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَلَوْ قَالَ أَذِنْتُ لَكَ عَلَى أَنْ تُعْطِيَنِي ثَمَنَهُ وَأَنْكَرَ الرَّاهِنُ الشَّرْطَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ مَعَ يَمِينِهِ وَالْبَيْعُ مَفْسُوخٌ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ.

إذا اتَّفَقَا عَلَى أَنَّ الْمُرْتَهِنَ أَذِنَ لِلرَّاهِنِ فِي الْبَيْعِ ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي صِفَةِ الْإِذْنِ فَقَالَ الْمُرْتَهِنُ: أَذِنْتُ لَكَ عَلَى أَنْ تُعَجِّلَ لِيَ الْحَقَّ، فَكَانَ الْإِذْنُ فَاسِدًا، وَالْبَيْعُ بَاطِلًا. وَقَالَ الرَّاهِنُ: بَلْ أَذِنْتَ إِذْنًا مُطْلَقًا فَالْإِذْنُ صَحِيحٌ، وَالْبَيْعُ نَافِذٌ.

فَإِنْ كَانَ لِلرَّاهِنِ بَيِّنَةٌ عَلَى مَا ادَّعَاهُ مِنْ إِطْلَاقِ إِذْنِ الْمُرْتَهِنِ بَعْدَ بَيْعِهِ بَطَلَ الرَّهْنُ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ مَعَ يَمِينِهِ لِأَمْرَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لَوْ كَانَ اخْتِلَافُهُمَا فِي أَصْلِ الْإِذْنِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُرْتَهِنِ فَإِذَا كَانَ اخْتِلَافُهُمَا فِي صِفَةِ الْإِذْنِ فَأَوْلَى أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ.

وَالثَّانِي: أَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الرَّهْنِ، وَدَعْوَى الرَّاهِنِ تُنَافِيهِ، وَإِنْكَارُ الْمُرْتَهِنِ يَقْتَضِيهِ فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ مَعَ يَمِينِهِ.

فَإِذَا حَلَفَ صَارَ الرَّاهِنُ فِي حُكْمِ مَنْ بَاعَ الرَّهْنَ عَنْ إِذْنِ الْمُرْتَهِنِ بِشَرْطِ التَّعْجِيلِ فَيَكُونُ عَلَى مَا نَذْكُرُهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ وَاللَّهُ أعلم.

[(مسألة)]

قَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: " وَلَوْ أَذِنَ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ ثَمَنَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيْعُهُ لِأَنَّهُ لم يأذن له إلا على أن يعجله حقه قبل محله والبيع مفسوخ به وهو رهن بحاله (قال المزني) قلت أنا أشبه بقول الشافعي في هذا المعنى أن لا يفسخ الشرط البيع لأن عقد البيع لم يكن فيه شرط ألا ترى أن من قوله لو أمرت رجلا أن يبيع ثوبي على أن له عشر ثمنه فباعه أن البيع جائز يفسخه فساد الشرط في الثمن وكذا إذا باع الراهن بإذن المرتهن فلا يفسخه فساد الشرط في العقد (قال المزني) قلت أنا وينبغي إذا نفذ البيع على هذا أن يكون الثمن مكان الرهن أو يتقاصان ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: اعْلَمْ أَنَّ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مُقَدِّمَةً يُبْنَى الْجَوَابُ عَلَيْهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>